ومشيئته من غير كلام ولا تردد في نفس ولا نطق بلسان
وعن يعقوب بن جعفر (١) عن أبي إبراهيم عليهالسلام أنه قال : لا أقول إنه قائم فأزيله عن مكان ولا أحده بمكان يكون فيه ولا أحده أن يتحرك في شيء من الأركان والجوارح ولا أحده بلفظ شق الفم ولكن كما قال عز وجل : ( إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (٢) بمشيئته من غير تردد في نفس صمدا فردا لم يحتج إلى شريك يدبر له ملكه ولا يفتح له أبواب علمه
وعن يعقوب بن جعفر الجعفري أيضا عن أبي إبراهيم موسى عليهالسلام قال : ذكر عنده قوم زعموا أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا فقال :
إن الله لا ينزل ولا يحتاج أن ينزل إنما منظره في القرب والبعد سواء لم يبعد منه بعيد ولا يقرب منه قريب ولم يحتج إلى شيء بل يحتاج إليه كل شيء وهو ذو الطول ( لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ).
أما قول الواصفين إنه ينزل تبارك وتعالى عن ذلك علوا كبيرا فإنما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص أو زيادة وكل متحرك يحتاج إلى من يحركه أو يتحرك به (٣) فمن ظن بالله الظنون فقد هلك فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له على حد تحدونه بنقص أو زيادة أو تحريك أو تحرك زوال أو استنزال أو نهوض أو قعود فإن الله جل وعز عن صفة الواصفين ـ ونعت الناعتين وتوهم المتوهمين
وعن الحسن بن راشد (٤) قال : سئل أبو الحسن موسى عليهالسلام عن معنى قول الله تعالى : ( الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ) (٥) فقال استولى على ما دق وجل
عن يعقوب بن جعفر الجعفري قال : سأل رجل يقال له عبد الغفار السمي [ السلمي ] أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليهالسلام عن قول الله تعالى : ( ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى ) (٦) قال أرى هاهنا خروجا من حجب وتدليا إلى الأرض وأرى محمدا رأى ربه بقلبه ونسب إلى بصره فكيف هذا.
فقال أبو إبراهيم ( دَنا فَتَدَلَّى ) فإنه لم يزل عن موضع ولم يتدل ببدن.
فقال عبد الغفار أصفه بما وصف به نفسه حيث قال ( دَنا فَتَدَلَّى ) فلم يتدل عن مجلسه إلا وقد زال عنه ولو لا ذلك لم يصف بذلك نفسه.
__________________
(١) ذكره الأردبيلي في جامع الرواة ج ٢ ص ٣٤٦ ونقل عن الكافي والتهذيب عدة روايات عنه عن الصادق والكاظم عليهماالسلام وورد اسمه فيها مرة يعقوب بن جعفر ، واخرى يعقوب بن جعفر الجعفري وثالثة يعقوب بن جعفر بن إبراهيم الجعفري.
(٢) راجع موضوع نفي الحركة عنه تعالى في هامش الجزء الأول من هذا الكتاب.
(٣) لا بد لكل حركة من أن تستلزم أربعة امور : المحرك ، والمتحرك ، وما منه الحركة ، وما إليه الحركة وقد مر في الجزء الأول من هذا الكتاب تفصيل الحديث في نفي الحركة عنه تعالى والاستدلال على بطلان نسبتها إليه وتنزهه عنها فراجع.
(٤) عده الشيخ في رجاله ص ٢٦٧ من أصحاب الصادق عليهالسلام فقال الحسن بن راشد مولى بني العباس كوفي ، وفي أصحاب الكاظم (عليهالسلام) ص ٣٤٦ ذكره أيضا باسم الحسين بن راشد وقال : بغدادي.
(٥) طه ـ ٥.
(٦) النجم ـ ٩.