التوراة والإنجيل والزبور وهي كلها محدثة مربوبة أحدثها من ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) هدى لقوم يعقلون فمن زعم أنهن لم يزلن معه فقد أظهر أن الله ليس بأول قديم ولا واحد وأن الكلام لم يزل معه وليس له بدء وليس بإله.
قال أبو قرة وإنا روينا أن الكتب كلها تجيء يوم القيامة والناس في صعيد واحد صفوف قيام لرب العالمين ينظرون حتى ترجع فيه لأنها منه وهي جزء منه فإليه تصير.
قال أبو الحسن عليهالسلام فهكذا قالت النصارى في المسيح إنه روحه جزء منه ويرجع فيه وكذلك قالت المجوس في النار والشمس إنهما جزء منه ترجع فيه تعالى ربنا أن يكون متجزيا أو مختلفا وإنما يختلف ويأتلف المتجزي لأن كل متجز متوهم والكثرة والقلة مخلوقة دالة على خالق خلقها.
فقال أبو قرة فإنا روينا أن الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين فقسم لموسى عليهالسلام الكلام ولمحمد صلىاللهعليهوآله الرؤية.
فقال أبو الحسن عليهالسلام فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين الجن والإنس أنه ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ) و ( لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) و ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) أليس محمد ص؟ قال بلى.
قال أبو الحسن فكيف يجيء رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند الله وأنه يدعوهم إلى الله بأمر الله ويقول إنه ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ) و ( لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) و ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) ثم يقول أنا رأيته بعيني وأحطت به علما وهو على صورة البشر أما تستحيون ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون أتى عن الله بأمر ثم يأتي بخلافه من وجه آخر.
فقال أبو قرة إنه يقول ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ) (١).
فقال أبو الحسن عليهالسلام إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى حيث قال ( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) (٢) يقول ما كذب فؤاد محمد صلىاللهعليهوآله ما رأت عيناه ثم أخبر بما رأت عيناه فقال ( لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ) (٣) فآيات الله غير الله وقال ( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) (٤) فإذا رأته الأبصار فقد أحاط به العلم ووقعت المعرفة فقال أبو قرة فتكذب بالرواية؟
فقال أبو الحسن عليهالسلام إذا كانت الرواية مخالفة للقرآن كذبتها وما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به علما و ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ) و ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ).
وسأله عن قول الله ( سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) (٥) فقال أبو الحسن عليهالسلام قد أخبر الله تعالى أنه أسرى به ثم أخبر أنه لم أسرى به فقال
__________________
(١ ، ٢ ، ٣) النجم ـ ١٣ ، ١١ ، ١٨.
(٤) طه ـ ١١٠
(٥) الإسراء ـ ١