( لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا ) (١) فآيات الله غير الله فقد أعذر وبين لم فعل به ذلك وما رآه وقال ( فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ ) (٢) فأخبر أنه غير الله.
فقال أبو قرة أين الله؟
فقال أبو الحسن عليهالسلام الأين مكان وهذه مسألة شاهد من غائب فالله تعالى ليس بغائب ولا يقدمه قادم وهو بكل مكان موجود مدبر صانع حافظ ممسك السماوات والأرض.
فقال أبو قرة أليس هو فوق السماء دون ما سواها؟
فقال أبو الحسن عليهالسلام هو الله في السماوات وفي الأرض ( وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ ) و ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ ) و ( هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ ) وهو الذي ( اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ ) وهو الذي ( اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ ) وهو الذي ( اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ ) قد كان ولا خلق وهو كما كان إذ لا خلق لم ينتقل مع المنتقلين.
فقال أبو قرة فما بالكم إذ دعوتم رفعتم أيديكم إلى السماء؟
فقال أبو الحسن عليهالسلام إن الله استعبد خلقه بضروب من العبادة ولله مفازع يفزعون إليه ومستعبد فاستعبد عباده بالقول والعلم والعمل والتوجه ونحو ذلك استعبدهم بتوجه الصلاة إلى الكعبة ووجه إليها الحج والعمرة واستعبد خلقه عند الدعاء والطلب والتضرع ببسط الأيدي ورفعها إلى السماء لحال الاستكانة وعلامة العبودية والتذلل له.
قال أبو قرة فمن أقرب إلى الله الملائكة أو أهل الأرض؟
قال أبو الحسن عليهالسلام إن كنت تقول بالشبر والذراع فإن الأشياء كلها باب واحد هي فعله لا يشغل ببعضها عن بعض يدبر أعلى الخلق من حيث يدبر أسفله ويدبر أوله من حيث يدبر آخره من غير عناء ولا كلفة ولا مئونة ولا مشاورة ولا نصب وإن كنت تقول من أقرب إليه في الوسيلة فأطوعهم له وأنتم ترون أن أقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد ورويتم أن أربعة أملاك التقوا أحدهم من أعلى الخلق وأحدهم من أسفل الخلق وأحدهم من شرق الخلق وأحدهم من غرب الخلق فسأل بعضهم بعضا فكلهم قال من عند الله أرسلني بكذا وكذا ففي هذا دليل على أن ذلك في المنزلة دون التشبيه والتمثيل.
فقال أبو قرة أتقر أن الله محمول؟
فقال أبو الحسن عليهالسلام كل محمول مفعول ومضاف إلى غيره محتاج فالمحمول اسم نقص في اللفظ والحامل فاعل وهو في اللفظ ممدوح وكذلك قول القائل فوق وتحت وأعلى وأسفل وقد قال
__________________
(١) الإسراء ـ ١
(٢) الجاثية ـ ٥.