فقال إبراهيم بل الله ( يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ).
فقال المأمون بارك الله فيك يا أبا الحسن فأخبرني عن قول الله ( فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ ) (١).
قال الرضا عليهالسلام إن موسى دخل مدينة من مدائن فرعون ( عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها ) وذلك بين المغرب والعشاء ـ ( فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى ) موسى على العدو بحكم الله تعالى ذكره فمات فقال ( هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ ) (٢) يعني الاقتتال الذي وقع بين الرجلين لا ما فعله موسى من قتله إياه ( إِنَّهُ ـ يعني الشيطان ـ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ) (٣).
قال المأمون فما معنى قول موسى ( رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ) (٤)؟
قال يقول إني وضعت نفسي غير موضعها بدخولي هذه المدينة فاغفر لي أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني ( فَغَفَرَ لَهُ ) (٥) أي ستره من عدوه ، ( إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (٦) ( قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَ ) (٧) من القوة حتى قتلت رجلا بوكزة ، ( فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ ) (٨) بل أجاهد في سبيلك بهذه القوة حتى ترضى. ( فَأَصْبَحَ ) موسى ( فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ) (٩) قاتلت رجلا بالأمس وتقاتل هذا اليوم لأؤدبنك فلما ( أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما ) ظن الذي هو من شيعته أنه يريده ( قالَ يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ ) (١٠).
قال المأمون جزاك الله عن أنبيائه خيرا يا أبا الحسن فما معنى قول موسى لفرعون ( فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ) (١١)؟
قال الرضا عليهالسلام إن فرعون قال لموسى لما أتاه : ( وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ ) (١٢) ( قالَ ) موسى ( فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ) عن الطريق بوقوعي إلى مدينة من مدائنك ، ( فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) (١٣) وقد قال الله لنبيه محمد صلىاللهعليهوآله ( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى ) (١٤) يقول ألم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس؟ ( وَوَجَدَكَ ضَالًّا ) يعني عند
__________________
(١ ـ ٢ ـ ٣) القصص ـ ١٥.
(٤ ـ ٥ ـ ٦) القصص ١٦.
(٧) ١٧٨.
(٨) القصص ـ ١٧.
(٩) القصص ـ ١٨.
(١٠) القصص ـ ١٩.
(١١) الشعراء ـ ٢٠.
(١٢) الشعراء ـ ١٨.
(١٣) الشعراء ـ ٢١.
(١٤) الضحى ـ ٦.