فقال الرضا عليهالسلام هذا مما نزل بإياك أعني واسمعي يا جارة خاطب الله بذلك نبيه صلىاللهعليهوآله وأراد به أمته وكذلك قوله تعالى ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ ) (١) ـ وقوله عز وجل ( وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ) (٢).
قال المأمون صدقت يا ابن رسول الله فأخبرني عن قول الله عز وجل : ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ) (٣).
قال الرضا عليهالسلام إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قصد دار زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي في أمر أراده فرأى امرأته تغتسل فقال لها سبحان الذي خلقك وإنما أراد بذلك تنزيه الله عن قول من زعم أن الملائكة بنات الله فقال الله عز وجل ( أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً ) (٤) فقال النبي صلىاللهعليهوآله لما رآها تغتسل سبحان الذي خلقك أن يتخذ ولدا يحتاج إلى هذا التطهير والاغتسال فلما عاد زيد إلى منزله أخبرته امرأته بمجيء رسول الله صلىاللهعليهوآله وقوله لها سبحان الذي خلقك فلم يعلم زيد ما أراد بذلك وظن أنه قال ذلك لما أعجبه من حسنها فجاء إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال يا رسول الله إن امرأتي في خلقها سوء وإني أريد طلاقها.
فقال له النبي : ( أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ ) وقد كان الله عرفه عدد أزواجه وأن تلك المرأة منهن فأخفى ذلك في نفسه ولم يبده لزيد وخشي الناس أن يقولوا إن محمدا يقول لمولاه إن امرأتك ستكون لي زوجة فيعيبوه بذلك فأنزل الله عز وجل : ( وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ ) يعني بالإسلام ( وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ) يعني بالعتق ( أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ) (٥) ثم إن زيد بن حارثة طلقها واعتدت منه فزوجها الله عز وجل من نبيه محمد صلىاللهعليهوآله وأنزل بذلك قرآنا فقال عز وجل ( فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً ) (٦) ثم علم عز وجل أن المنافقين سيعيبوه بتزويجها فأنزل الله ( ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ ) (٧).
فقال المأمون لقد شفيت صدري يا ابن رسول الله وأوضحت لي ما كان ملتبسا فجزاك الله عن أنبيائه وعن الإسلام خيرا قال علي بن الجهم فقام المأمون إلى الصلاة وأخذ بيد محمد بن جعفر بن محمد وكان حاضر المجلس وتبعتهما فقال له المأمون كيف رأيت ابن أخيك؟
فقال عالم ولم نره يختلف إلى أحد من أهل العلم.
__________________
(١) الزمر : ٦٥.
(٢) الإسراء : ٧٤.
(٣) الأحزاب : ٣٧.
(٤) الأسراء : ٤٠.
(٥ ـ ٦) الأحزاب : ٣٨.
(٧) الأحزاب : ٣٨.