فقال المأمون إن ابن أخيك من أهل بيت النبوة الذين قال فيهم النبي صلىاللهعليهوآله ألا إن أبرار عترتي وأطايب أرومتي أحلم الناس صغارا وأعلم الناس كبارا فلا تعلموهم فإنهم أعلم منكم لا يخرجونكم من باب هدى ولا يدخلونكم في باب ضلالة.
وانصرف الرضا عليهالسلام إلى منزله فلما كان من الغد غدوت إليه وأعلمته ما كان من قول المأمون وجواب عمه محمد بن جعفر له فضحك الرضا عليهالسلام ثم قال يا ابن الجهم لا يغرنك ما سمعته منه فإنه سيغتالني والله ينتقم لي منه
أبو يعقوب البغدادي (١) قال : إن ابن السكيت (٢) قال لأبي الحسن الرضا عليهالسلام :
لما ذا بعث الله موسى بن عمران بيده البيضاء وبآية السحر وبعث عيسى بآية الطب وبعث محمدا صلىاللهعليهوآله بالكلام والخطب؟
فقال له أبو الحسن عليهالسلام ـ إن الله لما بعث موسى عليهالسلام كان الغالب على أهل عصره السحر فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسع القوم مثله وبما أبطل به سحرهم وأثبت به الحجة عليهم.
وإن الله بعث عيسى في وقت قد ظهرت فيه الزمانات واحتاج الناس إلى الطب فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله وبما أحيا لهم الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله وأثبت به الحجة عليهم.
وإن الله بعث محمدا صلىاللهعليهوآله في وقت كان الأغلب على أهل عصره الخطب والكلام وأظنه قال والشعر فأتاهم من عند الله من مواعظه وأحكامه ما أبطل به قولهم وأثبت به الحجة عليهم.
__________________
(١) قال المامقاني في رجاله ج ٣ ص ٢٩ : ابو يعقوب البغدادي روى في كتاب العقل والجهل من الكافي عن أحمد بن محمد السياري عنه ولم أقف على اسمه وحاله.
(٢) قال الشيخ عباس القمي في ج ١ من الكنى والألقاب ص ٣٠٣ ابن السكيت ـ بكسر السين وتشديد الكاف ـ أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الدورقي الأهوازي الإمامي النحوي اللغوي الأديب : ذكره كثير من المؤرخين وأثنوا عليه ، وكان ثقة جليلا من عظماء الشيعة. ويعد من خواص الامامين التقيين « عليهمالسلام » وكان حامل لواء علم العربية والأدب والشعر واللغة والنحو ، وله تصانيف كثيرة مفيدة منها : ( تهذيب الألفاظ ) وكتاب : ( إصلاح المنطق ) قال ابن خلكان : قال بعض العلماء : ما عبر على جسر بغداد كتاب من اللغة مثل إصلاح المنطق ولا شك أنه من الكتب النافعة الممتعة الجامعة لكثير من اللغة ولا نعرف في حجمه مثله في بابه ، وقد عنى به جماعة واختصره الوزير المغربي وهذبه الخطيب التبريزي ... قتله المتوكل في خامس رجب سنة ٢٤٤ وسببه : أن المتوكل قال له يوما : أيما أحب إليك ابناي هذان أي : « المعتز والمؤيد » أم « الحسن والحسين » فقال ابن السكيت : والله إن قنبرا خادم علي بن أبي طالب « عليهالسلام » خير منك ومن ابنيك ، فقال المتوكل للأتراك : سلوا لسانه من قفاه ففعلوا فمات.