في نبوته وإمامة علي عليهالسلام سيد عترته وهم يقلدونهم مع أنه محرم عليهم تقليدهم ، ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ ) تعالى إلى آخرها (١).
هذا القوم اليهود كتبوا صفة زعموا أنها صفة محمد صلىاللهعليهوآله وهي خلاف صفته وقالوا للمستضعفين منهم هذه صفة النبي المبعوث في آخر الزمان إنه طويل عظيم البدن والبطن أهدف (٢) أصهب الشعر ومحمد صلىاللهعليهوآله بخلافه وهو يجيء بعد هذا الزمان بخمسمائة سنة وإنما أرادوا بذلك أن تبقى لهم على ضعفائهم رئاستهم وتدوم لهم إصابتهم ويكفوا أنفسهم مئونة خدمة رسول الله صلىاللهعليهوآله وخدمة علي عليهالسلام وأهل بيته وخاصته فقال الله عز وجل ( فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) من هذه الصفات المحرفات والمخالفات لصفة محمد صلىاللهعليهوآله وعلي عليهالسلام الشدة لهم من العذاب في أسوإ بقاع جهنم وويل لهم الشدة في العذاب ثانية مضافة إلى الأولى بما يكسبونه من الأموال التي يأخذونها إذا ثبتوا عوامهم على الكفر بمحمد رسول الله صلىاللهعليهوآله والحجة لوصيه وأخيه علي بن أبي طالب عليهالسلام ولي الله.
ثم قال عليهالسلام قال رجل للصادق عليهالسلام فإذا كان هؤلاء القوم من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلدون علماءهم
فقال عليهالسلام بين عوامنا وعلمائنا وعوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة
أما من حيث استووا فإن الله قد ذم عوامنا بتقليدهم علماءهم كما ذم عوامهم وأما من حيث افترقوا فلا
قال بين لي يا ابن رسول الله
قال عليهالسلام إن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح وبأكل الحرام والرشاء وبتغيير الأحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات وعرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به أديانهم وأنهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه وأعطوا ما لا يستحقه من تعصبوا له من أموال غيرهم وظلموهم من أجلهم وعرفوهم يقارفون المحرمات واضطروا بمعارف قلوبهم إلى أن من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز أن يصدق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله فلذلك ذمهم لما قلدوا من قد عرفوه ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه في حكايته ولا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى وأشهر من أن لا تظهر لهم.
وكذلك عوام أمتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والعصبية الشديدة والتكالب على حطام الدنيا وحرامها وإهلاك من يتعصبون عليه وإن كان لإصلاح أمره مستحقا وبالترفرف
__________________
(١) البقرة : ٧٩.
(٢) الهدف : الجسيم.