افتتنا بالزهرة وأرادا الزنا بها ـ وشربا الخمر وقتلا النفس المحرمة وأن الله يعذبهما ببابل وأن السحرة منهما يتعلمون السحر وأن الله مسخ هذا الكوكب الذي هو الزهرة.
فقال الإمام عليهالسلام معاذ الله من ذلك إن ملائكة الله معصومون محفوظون من الكفر والقبائح بألطاف الله فقال عز وجل فيهم ( لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ) (١) وقال ( وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ ) يعني الملائكة ( لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ. يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ ) (٢) وقال في الملائكة ( بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ. لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) إلى قوله ( مُشْفِقُونَ ) (٣) كان الله قد جعل هؤلاء الملائكة خلفاءه في الأرض وكانوا كالأنبياء في الدنيا وكالأئمة أفيكون من الأنبياء والأئمة قتل النفس والزنا وشرب الخمر؟
ثم قال أولست تعلم أن الله لم يخل الدنيا من نبي أو إمام من البشر؟ أوليس يقول ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ ـ من رسلنا يعني إلى الخلق ـ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى ) (٤) فأخبر أنه لم يبعث الملائكة إلى الأرض ليكونوا أئمة وحكاما وإنما أرسلوا إلى أنبياء الله؟
قالا قلنا له فعلى هذا لم يكن إبليس ملكا!
فقال لا بل كان من الجن أما تسمعان الله تعالى يقول ( وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ ) (٥) فأخبر أنه كان من الجن وهو الذي قال : ( وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ ) (٦).
وقال الإمام عليهالسلام يحدثني أبي عن جدي عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أن الله اختارنا معاشر آل محمد واختار النبيين واختار الملائكة المقربين وما اختارهم إلا على علم منه بهم أنهم لا يواقعون ما يخرجون به عن ولايته وينقطعون به من عصمته وينضمون به إلى المستحقين لعذابه ونقمته.
قالا فقلنا فقد روي لنا أن عليا صلوات الله عليه لما نص عليه رسول الله بالإمامة عرض الله ولايته على فئام وفئام (٧) من الملائكة فأبوها فمسخهم الله ضفادع.
فقال معاذ الله هؤلاء المكذبون علينا الملائكة هم رسل الله كسائر أنبياء الله إلى الخلق أفيكون منهم الكفر بالله قلنا لا.
قال فكذلك الملائكة إن شأن الملائكة عظيم وإن خطبهم لجليل.
__________________
(١) التحريم / ٦.
(٢) الأنبياء / ١٩ و ٢٠.
(٣) الأنبياء / ٢٧ و ٢٨.
(٤) يوسف / ١٠٩.
(٥) الكهف / ٥١.
(٦) الحجر / ٢٧.
(٧) الفيام ـ بفتح الفاء وكسرها ـ : الجماعة من الناس وغيرهم.