وأما المتلبسون بأموالنا ـ فمن استحل منها شيئا فأكله فإنما يأكل النيران وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجعلوا منه في حل إلى وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث.
وأما ندامة قوم شكوا في دين الله على ما وصلونا به فقد أقلنا من استقال فلا حاجة إلى صلة الشاكين.
وأما علة ما وقع من الغيبة فإن الله عز وجل يقول ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ) (١) إنه لم يكن أحد من آبائي إلا وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه وإني أخرج حين أخرج ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي.
وأما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيبها عن الأبصار السحاب وإني لأمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء فأغلقوا أبواب السؤال عما لا يعنيكم ولا تتكلفوا علم ما قد كفيتم وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج فإن ذلك فرجكم والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب و ( عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى ).
أبو الحسن علي بن أحمد الدلال القمي (٢) قال : اختلف جماعة من الشيعة في أن الله عز وجل فوض إلى الأئمة صلوات الله عليهم أن يخلقوا ويرزقوا فقال قوم هذا محال لا يجوز على الله تعالى لأن الأجسام لا يقدر على خلقها غير الله عز وجل وقال آخرون بل الله أقدر الأئمة على ذلك وفوض إليهم فخلقوا ورزقوا وتنازعوا في ذلك نزاعا شديدا فقال قائل ما بالكم لا ترجعون إلى أبي جعفر محمد بن عثمان فتسألوه عن ذلك ليوضح لكم الحق فيه فإنه الطريق إلى صاحب الأمر فرضيت الجماعة بأبي جعفر وسلمت وأجابت إلى قوله فكتبوا المسألة وأنفذوها إليه فخرج إليهم من جهته توقيع نسخته.
إن الله تعالى هو الذي خلق الأجسام وقسم الأرزاق لأنه ليس بجسم ولا حال في جسم ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ).
وأما الأئمة عليهمالسلام ـ فإنهم يسألون الله تعالى فيخلق ويسألونه فيرزق إيجابا لمسألتهم وإعظاما لحقهم.
عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي ره (٣) قال حدثني محمد بن إبراهيم بن
__________________
(١) المائدة ـ ١٠٤.
(٢) ج ٣ من رجال المامقاني ص ١١ باب الكنى : أبو الحسن الدلال ليس له ذكر في كلمات أصحابنا الرجاليين وإنما الذي عثرنا عليه رواية الكليني رحمهالله في باب تربيع القبر من الكافي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن إسماعيل عنه عن يحيى بن أبي عبد الله.
(٣) قال الشيخ عباس القمي في ج ١ من الكنى والألقاب ص ٢١٢ : « أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، شيخ الحفظة ووجه الطائفة المستحفظة رئيس المحدثين والصدوق فيما يرويه عن الأئمة الطاهرين عليهمالسلام ولد بدعاء مولانا صاحب الأمر « عليهالسلام » ، ونال بذلك عظيم الفضل والفخر فعمت بركته الأنام وبقيت آثاره ومصنفاته مدى الأيام ، له نحو من ثلاثمائة مصنف. قال ابن إدريس في حقه « ره » إنه كان ثقة جليل القدر بصيرا بالأخبار ناقدا للآثار ، عالما بالرجال ، وهو استاذ المفيد محمد بن محمد بن النعمان « ره » وقال العلامة في ترجمته : شيخنا وفقيهنا ووجه الطائفة بخراسان ورد بغداد سنة ٣٥٥ وسمع منه شيوخ الطائفة ،