وأما الأبواب المرضيون والسفراء الممدوحون في زمان الغيبة :
فأولهم الشيخ الموثوق به أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري نصبه أولا أبو الحسن علي بن محمد العسكري ثم ابنه أبو محمد الحسن فتولى القيام بأمورهما حال حياتهما عليهماالسلام ثم بعد ذلك قام
__________________
ـ فلما سمع ذلك الحلاج من قوله وجوابه : علم أنه قد أخطأ في مراسلته ، وجهل في الخروج إليه بمذهبه ، وأمسك عنه ولم يرد إليه جوابا ، ولم يرسل إليه رسولا ، وصيره أبو سهل ـ رضياللهعنه ـ أحدوثة وضحكة ويظن به ( أي يسخر ) عند كل أحد ، وشهر أمره عند الكبير والصغير ، وكان هذا الأمر سببا لكشف أمره ، وتنفير الجماعة عنه.
ومنهم : ابن أبي العزاقر ، أخبرني الحسين بن إبراهيم عن أحمد بن نوح عن أبي نصر هبة الله بن محمد بن أحمد الكاتب ابن بنت أم كلثوم بنت أبي جعفر العمري « رضياللهعنه » ( قال ) : كان أبو جعفر بن أبي العزاقر وجيها عند بني بسطام وذلك أن الشيخ أبا القاسم « رضي الله تعالى عنه وأرضاه » كان قد جعل له عند الناس منزلة وجاها ، فكان عند ارتداده يحكي كل كذب وبلاء ، وكفر لبني بسطام ويسنده عن الشيخ أبي القاسم ، فيقبلونه منه ويأخذونه عنه ، حتى انكشف ذلك لأبي القاسم « رضياللهعنه » فأنكروه وأعظمه ، ونهى بني بسطام عن كلامه وأمرهم بلعنه والبراءة منه فلم ينتهوا ، واقاموا على توليه وذاك أنه كان يقول لهم :
إنني أذعت السر وقد أخذ علي الكتمان فعوقبت بالابعاد بعد الاختصاص ، لأن الأمر عظيم لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن ممتحن ، فيؤكد في نفوسهم عظم الأمر وجلالته ، فبلغ ذلك أبا القاسم « رضياللهعنه » فكتب إلى بني بسطام بلعنه والبراءة منه وممن تابعه على قوله وأقام على توليه ، فلما وصل إليهم أظهروه عليه فبكى بكاء عظيما ثم قال : إن لهذا القول باطنا عظيما وهو : أن اللعنة ( الابعاد ) فمعنى قوله لعنه الله أي : باعده الله عن العذاب والنار ، والآن قد عرفت منزلتي ومرغ خديه على التراب وقال : عليكم بالكتمان لهذا الأمر ، قالت الكبيرة « رضي الله عنها » : وقد كنت
أخبرت الشيخ أبا القاسم أن أم أبي جعفر ابن بسطام قالت لي يوما وقد دخلنا إليها فاستقبلتني وأعظمتني وزادت في إعظامي حتى انكبت على رجلي تقبلها فأنكرت ذلك وقلت لها : مهلا يا ستي.
فقالت لي : إن الشيخ أبا جعفر محمد بن علي قد كشف لنا السر. قالت : فقلت لها : وما السر؟
قالت : قد أخذ علينا كتمانه ، وأفزع إن أنا أذعته عوقبت.
قالت : وأعطيتها موثقا أني لا أكشفه لأحد واعتقدت في نفسي الاستثناء بالشيخ « رضياللهعنه » يعني أبا القاسم الحسين بن روح.
قالت : إن الشيخ أبا جعفر قال لنا : إن روح رسول الله صلىاللهعليهوآله وسلم انتقلت إلى أبيك يعني : أبا جعفر محمد بن عثمان « رضياللهعنه » وروح أمير المؤمنين علي (عليهالسلام) انتقلت إلى بدن الشيخ أبي القاسم الحسين بن روج ، وروح مولاتنا فاطمة (عليهاالسلام)انتقلت إليك فكيف لا اعظمك يا ستنا؟.
فقلت لها : مهلا لا تفعلي فان هذا كذب يا ستنا.
فقالت لي : سر عظيم وقد أخذ علينا أننا لا نكشف هذا لأحد فالله الله في لا يحل لي العذاب ، ويا ستي لو لا أنك حملتني على كشفه ما كشفته لك ولا لأحد غيرك.
قالت الكبيرة أم كلثوم « رضي الله عنها » فلما انصرفت من عندها دخلت على الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح « رضياللهعنه » فأخبرته بالقصة وكان يثق بي ويركن إلى قولي.
فقال لي : يا بنية إياك أن تمضي إلى هذه المرأة بعد ما جرى منها ، ولا تقبلي لها رقعة إن كاتبتك ، ولا رسولا إن أنفذته إليك ، ولا تلقيها بعد قولها ، فهذا كفر بالله تعالى وإلحاد قد أحكمه هذا الرجل الملعون في قلوب هؤلاء القوم ليجعله طريقا إلى أن يقول لهم : بأن الله تعالى اتحد به وحل فيه كما يقول النصارى في المسيح (عليهالسلام) ويعدو الى قول الحلاج لعنه الله.
قالت : فهجرت بني بسطام ، وتركت المضي إليهم ، ولم أقبل لهم عذرا ، ولا لقيت امهم بعدها ، وشاع في بني نوبخت الحديث لم يبق أحد الا وتقدم إليه الشيخ أبو القاسم وكاتبه بلعن أبي جعفر الشلمغاني والبراءة منه وممن يتولاه ورضي بقوله أو كلمه فضلا عن موالاته ، ثم ظهر التوقيع من صاحب الزمان (عليهالسلام) بلعن أبي جعفر محمد بن علي والبراءة منه وممن تابعة وشايعه ورضي بقوله وأقام على توليه بعد المعرفة بهذا التوقيع وله حكايات قبيحة ننزه كتابنا عن ذكرها ، ذكرها ابن نوح وغيره.