بسيفي ما أقلت يدي فأقاتلكم بمن تبعني من أهل بيتي وعشيرتي ثم وايم الله لو اجتمع الجن والإنس علي لما بايعتكما أيها الغاصبان حتى أعرض على ربي وأعلم ما حسابي.
فلما جاءهم كلامه قال عمر لا بد من بيعته ـ فقال بشير بن سعد إنه قد أبى ولج وليس بمبايع أو يقتل وليس بمقتول حتى يقتل معه الخزرج والأوس فاتركوه فليس تركه بضائر فقبلوا قوله وتركوا سعدا فكان سعد لا يصلي بصلاتهم ولا يقضي بقضائهم ولو وجد أعوانا لصال بهم ولقاتلهم فلم يزل كذلك مدة ولاية أبي بكر حتى هلك أبو بكر ثم ولي عمر وكان كذلك فخشي سعد غائلة عمر فخرج إلى الشام فمات بحوران (١) في ولاية عمر ولم يبايع أحدا.
وكان سبب موته أن رمي بسهم في الليل فقتله وزعم أن الجن رموه وقيل أيضا إن محمد بن سلمة الأنصاري تولى ذلك بجعل جعل له عليه وروي أنه تولى ذلك المغيرة بن شعبة وقيل خالد بن الوليد.
قال : وبايع جماعة الأنصار ومن حضر من غيرهم وعلي بن أبي طالب مشغول بجهاز رسول الله صلىاللهعليهوآله فلما فرغ من ذلك وصلى على النبي صلىاللهعليهوآله والناس يصلون عليه من بايع أبا بكر ومن لم يبايع جلس في المسجد فاجتمع عليه بنو هاشم ومعهم الزبير بن العوام واجتمعت بنو أمية إلى عثمان بن عفان وبنو زهرة إلى عبد الرحمن بن عوف فكانوا في المسجد كلهم مجتمعين إذ أقبل أبو بكر ومعه عمر وأبو عبيدة بن الجراح فقالوا : ما لنا نراكم حلقا شتى؟ قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعته الأنصار والناس فقام عثمان وعبد الرحمن بن عوف ومن معهما فبايعوا وانصرف علي وبنو هاشم إلى منزل علي عليهالسلام ومعهم الزبير.
قال فذهب إليهم عمر في جماعة ممن بايع فيهم أسيد بن حصين وسلمة بن سلامة فألفوهم مجتمعين فقالوا لهم بايعوا أبا بكر فقد بايعه الناس فوثب الزبير إلى سيفه فقال عمر عليكم بالكلب العقور فاكفونا شره فبادر سلمة بن سلامة فانتزع السيف من يده فأخذه عمر فضرب به الأرض فكسره وأحدقوا بمن كان هناك من بني هاشم ومضوا بجماعتهم إلى أبي بكر فلما حضروا قالوا : بايعوا أبا بكر فقد بايعه الناس وايم الله لئن أبيتم ذلك لنحاكمنكم بالسيف.
فلما رأى ذلك بنو هاشم أقبل رجل فجعل يبايع حتى لم يبق ممن حضر إلا علي بن أبي طالب فقالوا له بايع أبا بكر.
فقال علي عليهالسلام أنا أحق بهذا الأمر منه وأنتم أولى بالبيعة لي أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من الرسول وتأخذونه منا أهل البيت غصبا ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لمكانكم من رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ فأعطوكم المقادة وسلموا لكم الإمارة وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار أنا أولى برسول الله حيا وميتا وأنا وصيه ووزيره ومستودع سره وعلمه وأنا الصديق الأكبر والفاروق الأعظم أول من آمن به وصدقه وأحسنكم بلاء في جهاد المشركين وأعرفكم بالكتاب والسنة
__________________
(١) حوران بالفتح : كورة واسعة من أعمال دمشق في القبلة ذات قرى كثيرة ومزارع ، قصبتها بصرى ، ومنها أذرعات وزرع وغيرهما مراصد الاطلاع ١ ـ ٤٣٥.