وأفقهكم في الدين وأعلمكم بعواقب الأمور وأذربكم لسانا (١) وأثبتكم جنانا فعلام تنازعونا هذا الأمر أنصفونا إن كنتم تخافون الله من أنفسكم واعرفوا لنا الأمر مثل ما عرفته لكم الأنصار وإلا فبوءوا بالظلم والعدوان وأنتم تعلمون.
فقال عمر يا علي أما لك بأهل بيتك أسوة؟
فقال علي عليهالسلام سلوهم عن ذلك فابتدر القوم الذين بايعوا من بني هاشم فقالوا والله ما بيعتنا لكم بحجة على علي ومعاذ الله أن نقول إنا نوازيه في الهجرة وحسن الجهاد والمحل من رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فقال عمر إنك لست متروكا حتى تبايع طوعا أو كرها.
فقال علي عليهالسلام احلب حلبا لك شطره اشدد له اليوم ليرد عليك غدا إذا والله لا أقبل قولك ولا أحفل بمقامك ولا أبايع فقال أبو بكر مهلا يا أبا الحسن ما نشك فيك ولا نكرهك.
فقام أبو عبيدة إلى علي عليهالسلام فقال يا ابن عم لسنا ندفع قرابتك ولا سابقتك ولا علمك ولا نصرتك ولكنك حدث السن وكان لعلي عليهالسلام يومئذ ثلاث وثلاثون سنة وأبو بكر شيخ من مشايخ قومك وهو أحمل لثقل هذا الأمر وقد مضى الأمر بما فيه فسلم له فإن عمرك الله يسلموا هذا الأمر إليك ولا يختلف فيك اثنان بعد هذا إلا وأنت به خليق وله حقيق ولا تبعث الفتنة في أوان الفتنة فقد عرفت ما في قلوب العرب وغيرهم عليك.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام يا معاشر المهاجرين والأنصار الله الله لا تنسوا عهد نبيكم إليكم في أمري ولا تخرجوا سلطان محمد من داره وقعر بيته إلى دوركم وقعر بيوتكم ولا تدفعوا أهله عن حقه ومقامه في الناس.
فو الله معاشر الجمع إن الله قضى وحكم ـ ونبيه أعلم وأنتم تعلمون بأنا أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم أما كان القارئ منكم لكتاب الله الفقيه في دين الله المضطلع بأمر الرعية والله إنه لفينا لا فيكم فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا وتفسدوا قديمكم بشر من حديثكم.
فقال بشير بن سعد الأنصاري الذي وطأ الأرض لأبي بكر وقالت جماعة من الأنصار يا أبا الحسن لو كان هذا الأمر سمعته منك الأنصار قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلف فيك اثنان.
فقال علي عليهالسلام يا هؤلاء كنت أدع رسول الله مسجى لا أواريه وأخرج أنازع في سلطانه والله ما خفت أحدا يسمو له وينازعنا أهل البيت فيه ويستحل ما استحللتموه ولا علمت أن رسول الله صلىاللهعليهوآله ترك يوم غدير خم لأحد حجة ولا لقائل مقالا فأنشد الله رجلا سمع النبي يوم غدير خم يقول من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله أن يشهد الآن بما سمع.
قال زيد بن أرقم فشهد اثنا عشر رجلا بدريا بذلك وكنت ممن سمع القول من رسول الله صلىاللهعليهوآله فكتمت الشهادة يومئذ فدعا علي علي فذهب بصري.
__________________
(١) الذرب ككتف. حديدة الاسكاف التي يقطع بها ، وذرب اللسان : حديده.