قال فلما قرأ أبو قحافة الكتاب قال للرسول ما منعكم من علي؟ قال هو حدث السن وقد أكثر القتل في قريش وغيرها وأبو بكر أسن منه قال أبو قحافة إن كان الأمر في ذلك بالسن فأنا أحق من أبي بكر لقد ظلموا عليا حقه وقد بايع له النبي صلىاللهعليهوآله وأمرنا ببيعته.
ثم كتب إليه من أبي قحافة إلى ابنه أبي بكر أما بعد فقد أتاني كتابك فوجدته كتاب أحمق ينقض بعضه بعضا مرة تقول خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآله ومرة تقول خليفة الله ومرة تقول تراضى بي الناس وهو أمر ملتبس فلا تدخلن في أمر يصعب عليك الخروج منه غدا ويكون عقباك منه إلى النار والندامة وملامة النفس اللوامة لدى الحساب بيوم القيامة فإن للأمور مداخل ومخارج وأنت تعرف من هو أولى بها منك فراقب الله كأنك تراه ولا تدعن صاحبها فإن تركها اليوم أخف عليك وأسلم لك.
وعن عامر الشعبي عن عروة بن الزبير بن العوام قال : لما قال المنافقون إن أبا بكر تقدم عليا وهو يقول أنا أولى بالمكان منه قام أبو بكر خطيبا فقال صبرا على من ليس يئول إلى دين ولا يحتجب برعاية ولا يرعوي لولاية أظهر الإيمان ذلة وأسر النفاق غلة هؤلاء عصبة الشيطان وجمع الطغيان يزعمون أني أقول إني أفضل من علي وكيف أقول ذلك وما لي سابقته ولا قرابته ولا خصوصيته وحد الله وأنا ملحده وعبده علي قبل أن أعبده ووالى الرسول وأنا عدوه وسبقني بساعات لو انقطعت لم ألحق شأوه ولم أقطع غباره وإن علي بن أبي طالب فاز والله من الله بمحبة ومن الرسول بقرابة ومن الإيمان برتبة لو جهد الأولون والآخرون إلا النبيين لم يبلغوا درجته ولم يسلكوا منهجه بذل في الله مهجته ولابن عمه مودته كاشف الكرب ودامغ الريب وقاطع السبب إلا سبب الرشاد وقامع الشرك ومظهر ما تحت سويداء حبة النفاق.
محنة لهذا العالم لحق قبل أن يلاحق وبرز قبل أن يسابق جمع العلم والحلم والفهم فكان جميع الخيرات لقلبه كنوزا لا يدخر منها مثقال ذرة إلا أنفقه في بابه فمن ذا يؤمل أن ينال درجته وقد جعله الله ورسوله للمؤمنين وليا وللنبي وصيا وللخلافة راعيا وبالإمامة قائما أفيغتر الجاهل بمقام قمته إذ أقامني وأطعته إذ أمرني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : الحق مع علي وعلي مع الحق من أطاع عليا رشد ومن عصى عليا فسد ومن أحبه سعد ومن أبغضه شقي.
والله لو لم يحب ابن أبي طالب إلا لأجل أنه لم يواقع لله محرما ولا عبد من دونه صنما ولحاجة الناس إليه بعد نبيهم لكان في ذلك ما يجب فكيف لأسباب أقلها موجب وأهونها مرغب للرحم الماسة بالرسول والعلم بالدقيق والجليل والرضا بالصبر الجميل والمواساة في الكثير والقليل وخلال لا يبلغ عدها ولا يدرك مجدها ود المتمنون أن لو كانوا تراب أقدام ابن أبي طالب أليس هو صاحب لواء الحمد والساقي يوم الورود وجامع كل كرم وعالم كل علم والوسيلة إلى الله وإلى رسوله.
وعن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن أبي رافع قال : إني لعند أبي بكر إذ طلع علي