فَجَاءَهُ (١) رَجُلٌ مِنْ بَجِيلَةَ (٢) يُقَالُ لَهُ : عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ ، فَقَالَ لِأَبِي جَعْفَرٍ عليهالسلام : إِنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ كَانَ يَقُولُ : إِنَّ الْكَعْبَةَ تَسْجُدُ لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي كُلِّ غَدَاةٍ ، فَقَالَ (٣) أَبُو جَعْفَرٍ عليهالسلام : « فَمَا تَقُولُ فِيمَا قَالَ كَعْبٌ (٤)؟ » فَقَالَ : صَدَقَ ، الْقَوْلُ مَا قَالَ كَعْبٌ ، فَقَالَ (٥) أَبُو جَعْفَرٍ عليهالسلام : « كَذَبْتَ ، وَكَذَبَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ (٦) مَعَكَ » وَغَضِبَ.
قَالَ (٧) زُرَارَةُ : مَا رَأَيْتُهُ اسْتَقْبَلَ أَحَداً بِقَوْلِ (٨) « كَذَبْتَ » غَيْرَهُ.
ثُمَّ (٩) قَالَ : « مَا خَلَقَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بُقْعَةً (١٠) فِي الْأَرْضِ (١١) أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهَا » ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْكَعْبَةِ « وَلَا أَكْرَمَ عَلَى اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ مِنْهَا لَهَا ، حَرَّمَ اللهُ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ فِي كِتَابِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ؛ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَةٌ لِلْحَجِّ : شَوَّالٌ (١٢) ، وَذُو الْقَعْدَةِ ،
__________________
(١) في الوافي : « فجاء ».
(٢) في « بث » : « نخيلة ». و « بَجِيلَةٌ » : حيّ من اليمن ، والنسبة إليهم : بَجَليّ بالتحريك. ويقال : إنّهم من مَعَدّ ؛ لأنّ نزار بن مَعَدّ ولد مضر وربيعة وإياداً وأنماراً ، ثمّ أنمار ولد بجيلة وخثعم ، فصاروا باليمن. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٣٠ ( بجل ).
(٣) في « ى ، بح ، بف » والبحار : + « له ».
(٤) في الوسائل ، ح ١٧٦٩٩ : + « الأحبار ».
(٥) في « بث ، بخ ، بف ، جد ، جن » والوافي والبحار : + « له ».
(٦) في « ظ ، بث ، بخ » : « الأخبار ».
(٧) في « بخ ، بف » والوافي : « فقال ».
(٨) في الوافي : « يقول ».
(٩) في الوسائل ، ح ١٧٦٩٩ : ـ « ثمّ ».
(١٠) البقعة : قطعة من الأرض على غير هيئة التي على جنبها. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ١٨٢ ؛ لسان العرب ، ج ٨ ، ص ١٨ ( بقع ).
(١١) في « ظ » : ـ « في الأرض ».
(١٢) في الوافي : « وأمّا عدّ شوّال من الأشهر الحرم دون المحرّم ، فيمكن توجيه الكلام بما لا يلزم ذلك ، بأن يقال : لمّا كان أكثر الأشهر الحرم للحجّ والعمرة جاز أن يقال لها : حرّم الله الأشهر الحرم ، وأمّا قوله : ثلاثة متوالية للحجّ ؛ يعني جعل ثلاثة أشهر للحجّ ، منها اثنان من الأشهر الحرم ». وفي هامشه عن المحقّق الشعراني : « ثلاثة متوالية للحجّ ، كأنّ الراوي سها فذكر الشوّال بدلاً من محرّم ؛ لأنّ الشوّال ليس من الأشهر الحرم ، بل هو من أشهر الحجّ ، ولمّا كان الحجّ في ذي الحجّة حرم قبله شهر للمجيء ، وبعده شهر لعود الحاجّ إلى أوطانهم حتّى لا يكون حرب في الطريق ويأمن السبل ».