يُصَلِّي الْإِمَامُ يَوْمَ عَرَفَةَ ، فَصَلّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ ، ثُمَّ عَمَدَ بِهِ (١) إِلَى عَرَفَاتٍ فَقَالَ (٢) : هذِهِ عَرَفَاتٌ فَاعْرِفْ بِهَا مَنَاسِكَكَ ، وَاعْتَرِفْ بِذَنْبِكَ ، فَسُمِّيَ عَرَفَاتٍ ، ثُمَّ أَفَاضَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ ، فَسُمِّيَتِ الْمُزْدَلِفَةَ لِأَنَّهُ ازْدَلَفَ (٣) إِلَيْهَا ، ثُمَّ قَامَ (٤) عَلَى الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ، فَأَمَرَهُ (٥) اللهُ أَنْ يَذْبَحَ ابْنَهُ ، وَقَدْ رَأى فِيهِ شَمَائِلَهُ (٦) وَخَلَائِقَهُ (٧) ، وَأَنِسَ مَا كَانَ إِلَيْهِ (٨) ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَفَاضَ مِنَ الْمَشْعَرِ إِلى مِنًى ، فَقَالَ (٩) لِأُمِّهِ : زُورِي الْبَيْتَ أَنْتِ (١٠) ، وَأَحْتَبِسَ الْغُلَامَ ، فَقَالَ : يَا بُنَيَّ ، هَاتِ الْحِمَارَ وَالسِّكِّينَ حَتّى أُقَرِّبَ الْقُرْبَانَ (١١) ».
فَقَالَ (١٢) أَبَانٌ : فَقُلْتُ لِأَبِي بَصِيرٍ : مَا أَرَادَ بِالْحِمَارِ وَالسِّكِّينِ؟ قَالَ : أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَهُ ، ثُمَّ يَحْمِلَهُ ، فَيُجَهِّزَهُ (١٣) وَيَدْفِنَهُ.
قَالَ (١٤) : « فَجَاءَ الْغُلَامُ بِالْحِمَارِ وَالسِّكِّينِ (١٥) ، فَقَالَ : يَا أَبَتِ ، أَيْنَ الْقُرْبَانُ؟ قَالَ :
__________________
(١) « عمد به » أي لزمه. القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٤٣٨ ( عمد ).
(٢) في « جن » : « قال ».
(٣) الازدلاف : هو الاقتراب والاجتماع. قال ابن الأثير : « سمّي المشعر الحرام مزدلفة ؛ لأنّه يتقرّب إلى الله تعالىفيها ». النهاية ، ج ٢ ، ص ٣١٠ ( زلف ).
(٤) في « بف » : « أقام ». وفي المرآة : « قوله عليهالسلام : ثمّ قام ، قيل : الأظهر : نام ».
(٥) في « ظ ، جد ، جن » : « فأمر ». وفي « بس » : « وأمره ».
(٦) الشمائل : جمع الشِمال ، وهو الطبع والخُلُق. لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٣٦٥ ( شمل ).
(٧) في حاشية « بث » : « خلقه ». والخلائق : جمع الخليقة ، وهي الطبيعة التي يُخْلَق بها الإنسان. لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٨٦ ( خلق ).
(٨) في الوسائل : ـ « وأنس ما كان إليه ». وفي الوافي : « أنس ما كان إليه ؛ يعني لم يكن يأنس إلى أحد مثل ما كان يأنس إلى ابنه ». وفي المرآة : « قوله عليهالسلام : وأنس ما كان إليه ، أي كان انسه عليهالسلام ما كان ، أي دائماً إليه ، أي إلى إسحاق ؛ لأنّه كان معه غالباً ، وإنّما كان يلقى إسماعيل عليهالسلام نادراً ، فـ « ما » بمعنى مادام ، و « كان » تامّة. ثمّ ذكر احتمالات اخر وقال : « والأوّل هو الصواب ، وسائر الاحتمالات وإن خطرت بالبال فهي بعيدة ».
(٩) في الوسائل : « ثمّ قال ».
(١٠) في الوسائل : ـ « أنت ».
(١١) في « بح » : « القربات ».
(١٢) في « ظ ، بخ ، بف ، جد » والوافي : « قال ».
(١٣) في « ظ » : « ويجهّزه ».
(١٤) في « ظ » : ـ « قال ».
(١٥) في « بح » : ـ « والسكّين ».