ومثل هذا إن لم يكن شيئا يصدر عن طبع وعن (١) إرادة ليست (٢) على سبيل إجابة داع بل على وجه آخر سيوقف عليه فلا يكون مصدرا لأمر (٣) من الأمور عن علة من العلل ، بل يجب أن يكون الأولى بالفاعل (٤) القاصد بالقصد (٥) المذكور أن يكون إنما يفيض خيرا على غيره (٦) ، لأنه أولى به ، وضده غير الأولى به ، ويرجع آخر الأمر (٧) إلى غرض يتصل (٨) بذاته ويعود على ذاته ويرجع إلى (٩) ذاته ، وحينئذ لا يكون وجود ذلك الغرض ولا وجوده بمنزلة واحدة بالقياس (١٠) إلى ذاته وكمالات ذاته ومصالحها ، بل يكون كونه عن ذاته كون الأغراض التي تختص بذاته فيعود إلى أن ذاته تنال (١١) بذلك كمالا وحظا خاصا (١٢).
وكذلك (١٣) فإن سؤال اللم لا يزال يتكرر إلى أن يبلغ المبلغ الراجع إلى الذات. مثاله إذا قيل للفاعل : لم فعلت كذا؟ فقال (١٤). لينال فلان غرضا ، فيقال له : ولم طلبت أن ينال فلان غرضا؟ فقال (١٥) : لأن الإحسان حسن ، لم يقف السؤال ، بل قيل : ولم تطلب ما هو حسن؟فإذا أجيب حينئذ بخير يعود إليه أو شر ينتفي عنه (١٦) ، وقف السؤال ، فإن حصول الخير لكل شيء وزوال الشر (١٧) عنه هو المطلوب لذاته (١٨) مطلقا.
وأما (١٩) الشفقة والرحمة (٢٠) والعطف على الغير والفرح بما يحسن إلى الغير ، والغم بما يقع من التقصير (٢١) وغير ذلك ، فهي أغراض خاصة للفاعل ، ودواع (٢٢) يذم عاملها (٢٣) أو تنحط به منزلة كماله (٢٤). فالجود (٢٥) إفادة الغنى في جميع الجهات عن الإفادة كمالا فيكون ذلك المعنى (٢٦) بالقياس إلى القابل خيرا ، وبالقياس إلى الفاعل جودا ، وكل إفادة كمال فإنه يكون بالقياس إلى القابل خيرا ، سواء كان بعوض أو لا بعوض ولا يكون بالقياس إلى الفاعل جودا (٢٧) إلا أن يكون لا بعوض (٢٨). فهذا هو (٢٩) البيان لحقيقة الخير والجود.
وقد (٣٠) تكلمنا على العلل وأحوالها ، وبقي أن نكمل (٣١) فيها (٣٢) القول فنقول : إن (٣٣) هذه (٣٤) العلل الأربع وإن كان يظن بها أنها تجتمع (٣٥) في كثير من الأمور الموجودة في العلوم ، فإن الأمور
__________________
(١) وعن : أو عن ح ، د ، ص ، ط. (٢) ليست : وليست د. (٣) مصدر الأمر : مصدر أمر ح. (٤) بالفاعل : للفاعل ب. (٥) بالقصد : القصد ح ، هـ : المقصد د. (٦) على غيره : + جهة خيرية ط. (٧) الأمر : الأمور د. (٨) يتصل : + به ب. (٩) إلى : على ب ، د. (١٠) بالقياس : وبالقياس د. (١١) تنال : نال د. (١٢) خاصا : خاصية ح. (١٣) وكذلك : ولذلك ح ، ط ، ه. (١٤) فقال : فيقول له ص. (١٥) فقال : فيقول له ص. (١٦) عنه : منه ب. (١٧) الشر : شر ح. (١٨) لذاته : بذاته ب ، ح ، ص ، ط. (١٩) وأما : فأما د ، ط. (٢٠) والرحمة : والمرحمة ح ، د. (٢١) التقصير : النقص ب. (٢٢) ودواع : وداع د. (٢٣) عاملها : عاصيها ب ، ح ، د ، ط. (٢٤) ومثل ... كماله : ساقطة من م. (٢٥) فالجود : + هو ب ، د ، ص ، ط ، م. (٢٦) المعنى : الغنى د : ساقطة من ص ، ط. (٢٧) جودا : جوادا م. (٢٨) بعوض : لعوض ب ، ح. (٢٩) فهذا هو : هذا وهو ، د. (٣٠) وقد : فقد د ، ص ، م. (٣١) نكمل : نجمل ب ، ح ، د ، ط ، م. (٣٢) فيها : فيه ب. (٣٣) إن : ساقطة من م. (٣٤) هذه : هذا د(٣٥) تجتمع : لا تجتمع ب ، د ، ص ، ط ، م.