عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ عليهالسلام ، قَالَ : « صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ (١)
__________________
(١) في الوافي : « إذا أعطى رجل رجلاً مالاً ليتّجر به ويكون الربح لصاحب المال سمّي بضاعة ، وإن أشركه فيالربح سمّي مضاربة وقراضاً ، وإن خصّصه به وجعله في ذمّته فهو قرض ».
وقال المحقّق الشعراني في هامشه : « في الكفاية : قال في التذكرة : إذا دفع الإنسان إلى غيره مالاً ليتّجر به ، فلا يخلو إمّا أن يشترط قدر الربح بينهما أولا ، فإن لم يشترط شيئاً فالربح بأجمعه لصاحب المال ، وعليه اجرة المثل للعامل ، وإن اشترط فإن جعل جميع الربح للعامل كان المال قرضاً وديناً عليه والربح له والخسارة عليه ، وإن جعلا الربح بأجمعه للمالك كان بضاعة ، وإن جعلا الربح بينهما فهو القراض. قال : وسمّي المضاربة أيضاً ، والقراض لغة أهل الحجاز ، والمضاربة لغة أهل العراق. انتهى كلام صاحب الكفاية.
والمستفاد منه أوّلاً : عدم وجوب لفظ المضاربة أو القراض في العقد ، بل إذا صرّح بتقسيم الربح بينهما على نسبة معلومة وأجاز له التجارة بماله وقع العقد ، وأمّا الاكتفاء بالمعاطاة فغير متصوّر هنا ؛ إذ لا يمكن الاطّلاع على ما في القلوب بغير الألفاظ ، ولا يعلم التراضي بتقسيم الربح بينهما على النسبة إلاّبأن يصرّح به لفظاً ، والعلم بالرضا قوام كلّ معاملة ، ولا يعلم بإعطاء المال إلاّ الرضا بالتصرّف مطلقاً ، سواء كان على الوكالة أو البضاعة أو القرض أو المضاربة ، بل قد لا يعلم منه الرضا بالتصرّف أيضاً إذا احتمل كونه وديعة ، وليس في الدوالّ على المقاصد شيء غير اللفظ يكتفى به هنا ، فشأن المضاربة شأن سائر المعاملات لا يجزي فيها المعاملات ؛ إذ لا يستفاد منها إلاّ الرضا بالتصرّف والإباحة في الجملة.
وثانياً : إن لم يصرّحا بكيفيّة تقسيم الربح ، فمقتضى الأصل أن يكون الربح خاصّاً بمالك الأصل ، ومقتضى الظاهر أنّ العامل لم يقصد التبرّع فيستحقّ اجرة المثل ، ومقتضى الأصل أيضاً عدم ضمان العامل ؛ فإنّه أمين وتصرّف في المال بإذن صاحبه ، وليست معاملاته فضوليّة ، وليس هذا النحو من تجارة العمّال معاملة خاصّة كالمضاربة ، بل يتبع في أحكامه مقتضى الاصول والقواعد.
وثالثاً : إن جعل جميع الربح للعامل كان قرضاً.
ويختلج هنا في الذهن إشكال ، وهو أنّ جعل الربح للعامل أعمّ من القرض ؛ إذ لعلّه بذلك هبة الربح للعامل مع بقاء أصل المال في ملكه ، ولا يقصد نقل المال إلى العامل بعوض حتّى يقع القرض.
والجواب أنّهم لم يقصدوا ظاهراً وقوع عقد القرض هنا بلفظ لا يدلّ عليه ، بل أرادوا أنّ مقتضى القاعدة ضمان العامل ، فإنّ نقل المال إليه وإن كان غير معلوم إلاّ أنّ تسليطه على ماله أمانة أيضاً غير معلوم ، والأصل في اليد الضمان حتّى يثبت خلافه ، فيكون حكمه حكم القرض من هذه الجهة ، بخلاف ما إذا جعل الربح مشتركاً أو لصاحب المال ؛ فإنّه يجعل العامل أميناً ظاهراً.
ورابعاً : إن جعلا الربح جميعاً للمالك كان بضاعة ، والظاهر أنّ العامل لم يقصد التبرّع بعمله ، ومقتضى القاعدة أن يكون له مطالبة اجرة المثل ، ويقبل قوله في عدم نيّة التبرّع ، ويستفاد من الكفاية عدم استحقاقه ، وهو بعيد إلاّ أن يعلم بالقرينة من تخصيص الربح بالمالك ورضاه به عدم توقّع الاجرة ، وأمّا مع الشكّ فلا ريب في