أَرْضٌ (١) لِرَجُلٍ (٢) قَبْلَهُ ، فَغَابَ عَنْهَا وَتَرَكَهَا ، فَأَخْرَبَهَا (٣) ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدُ يَطْلُبُهَا ، فَإِنَّ الْأَرْضَ لِلّهِ وَلِمَنْ (٤) عَمَرَهَا (٥) ». (٦)
__________________
(١) في « ط ، بف » والوافي : « أرضاً ». وفي حاشية « بس » : « الأرض ».
(٢) قال المحقّق الشعراني في هامش الوافي : « قوله : فإن كانت أرضاً لرجل ، لعلّ الرجل الذي كان مالكاً لهذه الأرض قبل ذلك كان ملكه الأراضي المفتوحة بمعنى أولوية التصرّف تبعاً للآثار والبناء والغرس وأمثال ذلك ، فإذا تركها وأعرض عنها زالت أولويّته بالنسبة للأرض ، ثمّ إنّا نعلم أنّ غالب الأراضي من المفوحة عنوة أو صلحاً ، أو ممّا صارت محياة بعد الفتح ، ولانعلم خصوصيّة هذه الثلاثة في كلّ واحد من البلاد ، فاشكل الأمر في إطلاق الحكم هنا ؛ إذ لعلّ الأرض ممّا صولح أهلها على كونها ملكاً لهم ويؤدّوا خراجها ، فلا يزول ملك الأوّل بالترك ، ولكنّ المنقول عن الشيخ وابن البرّاج العمل بهذا الإطلاق حتّى في الأرض التي أسلم أهلها طوعاً ، فيجوز للإمام أن يقبّلها ممّن يعمرها إن تركوا عمارتها وتركوها خراباً. وخالف فيه ابن إدريس ، وقال في الكفاية : والرواية غير دالّة على مقصودهما ؛ يعني الشيخ وابن البرّاج. أقول : ويدلّ على قول ابن إدريس حديث سليمان بن خالد وحديث حمّاد عن الحلبي آخر الباب ». راجع : كفاية الأحكام ، ج ١ ، ص ٣٩٩.
(٣) في « بخ ، بف » والوافي والتهذيب والاستبصار : « وأخربها ».
(٤) في « جن » : « وللذي ».
(٥) قال العلاّمة الفيض في الوافي : « أراد بالصدقة الزكاة ، وفي الاستبصار حمل هذا الحديث وما في معناه على الأحقّيّة دون الملكيّة جمعاً بين الأخبار ، قال : لأنّ هذه الأرض من جملة الأنفال التي هي خاصّة الإمام إلاّ أنّ من أحياها فهو أولى بالتصرّف فيها إذا أدّى واجبها إلى الإمام ، ثمّ استدلّ عليه بحديث أبي خالد الكابلي الآتي.
أقول : وإنّما كان المحيي الثاني أحقّ بها إذا كان الأوّل إنّما ملكها بالإحياء ، ثمّ تركها حتّى خربت جمعاً بينه وبين حديث آخر الباب ـ وهو الذي روي في التهذيب ، ج ٧ ، ص ١٤٨ و ٢٠١ ، ح ٦٥٨ و ٨٨٨ ـ بحمل ذاك على ما إذا ملكها بغير الإحياء. والوجه فيه أنّ هذه أرض أصلها مباح فإذا تركها حتّى عادت إلى ما كانت عليه صارت مباحة ، كما لو أخذ ماء من دجلة ، ثمّ ردّه إليها ، ولأنّ العلّة في تملّكها الإحياء بالعمارة ، فإذا زالت العلّة زال المعلول ، وهو الملك ، فإذا أحياها الثاني فقد أوجد سبب الملك له. وربّما يجمع بين الخبرين بحمل هذا الحديث على ما إذا لم يعرف صاحبها ، وذاك على ما إذا عرف. وما قلناه أوفق بهذا وما قالوه بذاك ، وإن اريد بالمعرفة معرفته في أوّل الأمر ارتفع التنافي فليتدبّر ».
وقال المحقّق الشعراني في الهامش : « قوله : بحمل ذاك على ما ملكه بغير الإحياء. ما ذكره المصنّف في هذا الحمل بعيد جدّاً ؛ لأنّا نعلم أنّ بلاد الإسلام من الأندلس إلى الصين إن كانت عامرة حال الفتح إلى الآن فهي خارجة عن مورد الرواية قطعاً ، وإن كانت ، أو صارت مواتاً ، كانت من الأنفال قطعاً وصارت ملكاً بالإحياء فاحييت ، ثمّ انتقل منه إلى غيره فلا يتصوّر ملك بغير إحياء ، والفرق بين من أحياها مباشرة أو انتقل إليه ممّن أحياه تعسّف. فالحقّ أن يخصّ مادلّ على بطلان حقّ الأوّل بالأراضي المفتوحة عنوة إذا رأى الإمام المصلحة