اذْهَبْ فَبِعْ (١) ، وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ سِعْراً ، فَذَهَبَ الْوَكِيلُ غَيْرَ بَعِيدٍ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ (٢) : اذْهَبْ فَبِعْ (٣) ، وَكَرِهَ (٤) أَنْ يَجْرِيَ الْغَلَاءُ عَلى لِسَانِهِ ، فَذَهَبَ الْوَكِيلُ ، فَجَاءَ أَوَّلُ مَنِ اكْتَالَ ، فَلَمَّا بَلَغَ دُونَ مَا كَانَ بِالْأَمْسِ بِمِكْيَالٍ ، قَالَ الْمُشْتَرِي : حَسْبُكَ ، إِنَّمَا أَرَدْتُ بِكَذَا (٥) وَكَذَا ، فَعَلِمَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ قَدْ غَلَا بِمِكْيَالٍ ، ثُمَّ جَاءَهُ (٦) آخَرُ ، فَقَالَ لَهُ : كِلْ لِي ، فَكَالَ ، فَلَمَّا بَلَغَ دُونَ الَّذِي كَالَ (٧) لِلْأَوَّلِ (٨) بِمِكْيَالٍ ، قَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي : حَسْبُكَ ، إِنَّمَا أَرَدْتُ بِكَذَا وَكَذَا ، فَعَلِمَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ قَدْ غَلَا بِمِكْيَالٍ حَتّى صَارَ (٩) إِلى وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ (١٠) ». (١١)
__________________
(١) في الوافي : « وبع ».
(٢) في « ط » : ـ « له ».
(٣) في « ط ، بح ، بخ ، بف ، جد » والوافي والبحار : « وبع ».
(٤) في « ى » : « فكره ».
(٥) في « ط » : « كذا ».
(٦) في « ط ، بخ ، بس ، بف ، جت ، جن » والوافي والوسائل : « جاء ».
(٧) في « جت » وحاشية « جد » : « كان ».
(٨) في « بخ ، بف ، جت » : « الأوّل ».
(٩) في « ط » : « صاروا ».
(١٠) في مرآة العقول : ج ١٩ ، ص ١٥٢ : « أقول : هذه الأخبار تدلّ على أنّ السعر بيد الله تعالى ، وقد اختلف المتكلّمون في ذلك ، فذهب الأشاعرة إلى أن ليس المسعّر إلاّ الله تعالى بناء على أصلهم من أن لا مؤثّر في الوجود إلاّ الله ، وأمّا الإماميّة والمعتزلة فقد ذهبوا إلى أنّ الغلاء والرُخْص قد يكونان بأسباب راجعة إلى الله ، وقد يكونان بأسباب ترجع إلى اختيار العباد. وأمّا الأخبار الدالّة على أنّها من الله ، فالمعنى أنّ أكثر أسبابهما راجعة إلى قدرة الله ، أو أنّ الله تعالى لمّا لم يصرف العباد عمّا يختارونه من ذلك مع ما يحدث في نفوسهم من كثرة رغباتهم ، أو غناهم بحسب المصالح ، فكأنّهما وقعا بإرادته تعالى ، كما مرّ القول في ما وقع من الآيات والأخبار الدالّة على أنّ أفعال العباد بإرادة الله تعالى ومشيّته وهدايته وإضلاله وتوفيقه وخذلانه في شرح الاصول. ويمكن حمل بعض تلك الأخبار على المنع من التسعير والنهي عنه ، بل يلزم الوالي أن لا يجبر الناس على السعر ويتركهم واختيارهم ، فيجري السعر عن ما يريد الله تعالى.
قال العلاّمة رحمهالله في شرحه على التجريد : السعر هو تقدير العوض الذي يباع به الشيء ، وليس هو الثمن ولا المثمن ، وهو ينقسم إلى رُخْص وغلاء ، فالرخص هو السعر المنحطّ عمّا جرت به العادة مع اتّحاد الوقت