وَأَمَّا وَجْهُ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ السَّلِيمِ الْبَرِيءِ مِنَ الزِّنى وَالسِّفَاحِ هُوَ الَّذِي (١) غَيْرُ مَشُوبٍ بِشَيْءٍ مِنْ وُجُوهِ (٢) الْحَرَامِ ، أَوْ وُجُوهِ الْفَسَادِ ، فَهُوَ النِّكَاحُ الَّذِي أَمَرَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِهِ عَلى حَدِّ مَا أَمَرَ اللهُ أَنْ يُسْتَحَلَّ بِهِ الْفَرْجُ مِنَ (٣) التَّزْوِيجِ وَالتَّرَاضِي عَلى مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ مِنَ الْمَهْرِ الْمَعْرُوفِ الْمَفْرُوضِ ، وَالتَّسْمِيَةِ لِلْمَهْرِ وَالْفِعْلِ ، فَذلِكَ نِكَاحٌ حَلَالٌ غَيْرُ سِفَاحٍ ، وَلَا مَشُوبٍ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا الْمُفْسِدَاتِ لِلنِّكَاحِ وَهُوَ خَالِصٌ مُخَلَّصٌ مُطَهَّرٌ مُبَرَّأٌ مِنَ الْأَدْنَاسِ ، وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِهِ ، وَالَّذِي تَنَاكَحَتْ عَلَيْهِ أَنْبِيَاءُ اللهِ وَحُجَجُهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ.
وَأَمَّا الَّذِي يَتَزَوَّجُ مِنْ مَالٍ غَصَبَهُ ، وَيَشْتَرِي مِنْهُ جَارِيَةً ، أَوْ مِنْ (٤) مَالِ سَرِقَةٍ ، أَوْ خِيَانَةٍ (٥) ، أَوْ كَذِبٍ فِيهِ ، أَوْ مِنْ كَسْبٍ حَرَامٍ بِوَجْهٍ مِنَ الْحَرَامِ ، فَتَزَوَّجَ (٦) مِنْ ذلِكَ الْمَالِ تَزْوِيجاً مِنْ جِهَةِ مَا أَمَرَ اللهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِهِ ، فَتَزْوِيجُهُ حَلَالٌ ، وَوَلَدُهُ وَلَدُ (٧) حَلَالٍ ، غَيْرُ زَانٍ وَلَا سِفَاحٍ ، وذلِكَ أَنَّ الْحَرَامَ فِي هذَا الْوَجْهِ فِعْلُهُ الْأَوَّلُ بِمَا فَعَلَ فِي وَجْهِ الِاكْتِسَابِ الَّذِي اكْتَسَبَهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ (٨) ، وَفِعْلُهُ فِي وَجْهِ الْإِنْفَاقِ فِعْلٌ يَجُوزُ الْإِنْفَاقُ فِيهِ (٩) ، وَذلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا يَكُونُ مَحْمُوداً أَوْ مَذْمُوماً عَلى فِعْلِهِ وَتَقَلُّبِهِ ، لَاعَلى جَوْهَرِ الدِّرْهَمِ ، أَوْ جَوْهَرِ الْفَرْجِ ، وَالْحَلَالُ حَلَالٌ فِي نَفْسِهِ ، وَالْحَرَامُ حَرَامٌ فِي نَفْسِهِ ،
__________________
(١) في « بخ ، بف » : + « هو ».
(٢) في « بخ » : « وجه ».
(٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع : ـ « من ».
(٤) في « بخ » : ـ « من ».
(٥) في « بخ » : « جناية ».
(٦) في « بخ » : « فيزوّج ».
(٧) في « م ، بن » : ـ « ولد ».
(٨) في « م ، بح ، جت » : « وجهه ».
(٩) في المرآة : « لا يخفى ما فيه إلى آخر الباب من الخبط والاضطراب ويجري فيها تأويل بعيد لا يخفى على اوليالألباب ».
وفي هامش المطبوع : « لعلّ فيه مسامحة في اللفظ ، والمراد أنّ الإنفاق من حيث إنّه إنفاق جائز وممدوح ، لكن من حيث التصرّف في مال الغير بدون إذنه حرام إلاّفيه ما فيه ، وكذا في ما بعد إلى آخر الباب ».