ثُمَّ غَشِينَا (١) رِفْقَةً (٢) أُخْرى يَتَغَدَّوْنَ (٣) ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، الْغَدَاءَ ، فَقَالَ : « نَعَمْ (٤) ، أَفْرِجُوا لِنَبِيِّكُمْ (٥) » فَجَلَسَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ، وَجَلَسْتُ مَعَهُ ، فَلَمَّا أَنْ (٦) تَنَاوَلَ كِسْرَةً ، نَظَرَ إِلى أُدْمِ الْقَوْمِ ، فَقَالَ : « مَا أُدْمُكُمْ هذَا (٧)؟ » قَالُوا : ضَبٌّ (٨) يَا رَسُولَ اللهِ ، فَرَمى بِالْكِسْرَةِ وَقَامَ.
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَتَخَلَّفْتُ (٩) بَعْدَهُ (١٠) فَإِذَا النَّاسُ (١١) فِرْقَتَانِ (١٢) : فَقَالَتْ (١٣) فِرْقَةٌ : حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فَمِنْ هُنَاكَ لَمْ يَأْكُلْهُ ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ أُخْرى (١٤) : إِنَّمَا عَافَهُ ، وَلَوْ حَرَّمَهُ لَنَهَانَا (١٥) عَنْ أَكْلِهِ (١٦)
ثُمَّ تَبِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم حَتّى لَحِقْتُهُ ، فَمَرَرْنَا (١٧) بِأَصْلِ (١٨) الصَّفَا وَبِهَا قُدُورٌ تَغْلِي ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، لَوْ عَرَّجْتَ (١٩) عَلَيْنَا حَتّى تُدْرِكَ قُدُورَنَا ، فَقَالَ لَهُمْ : « وَمَا فِي قُدُورِكُمْ؟ » فَقَالُوا : حُمُرٌ لَنَا كُنَّا نَرْكَبُهَا ، فَقَامَتْ (٢٠) فَذَبَحْنَاهَا ، فَدَنَا رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم مِنَ
__________________
يريد سيراً جواداً ، كما يقال : سرنا عقبة جواداً ، أي بعيدة ». النهاية ، ج ١ ، ص ٣٠١ ( جود ).
(١) قال الجوهري : « غشيه غشياناً ، أي جاءه ». الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٤٧ ( غشا ).
(٢) في « ط » : « طائفة ». وفي « ق » : « أرفقه ».
(٣) في « ط » : « يتعدّدون ».
(٤) في « ق ، بف » : ـ « نعم ». (٥) في « ق » : « نبيّكم ». وفي « بف » : « أتيتكم ».
(٦) في « م ، جد » والعلل : ـ « أن ». (٧) في « ق ، ن ، بح ، بف ، جت » : ـ « هذا ».
(٨) الضبُّ : حيوان برّيّ على حدّ فرخ التمساح الصغير ، وذنبه كذنبه وهو يتلوّن ألواناً بحرّ الشمس ، : كما تتلوّن الحرباء. وهو بالفارسيّة : سوسمار. راجع : حياة الحيوان الكبرى ، ج ٢ ، ص ١٠٧.
(٩) في « ق » : « فتحلقت ».
(١٠) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : « بعد ».
(١١) في « بح » : « للناس ». (١٢) في « ط » : « يتمادون ».
(١٣) في « م ، جد » والعلل : « قالت ».
(١٤) في « ط ، ق ، بف » : ـ « اخرى ».
(١٥) في « ط ، ق ، م ، ن ، بف ، بن ، جت » : « نهانا ».
(١٦) في « م ، بن ، جد » : « عنه قال » بدل « عن أكله ».
(١٧) في « جد » : « فمررت ».
(١٨) في حاشية « بف » : « بأهل ».
(١٩) في العلل : « تكرّمت ». و « عرّجت » من التعريج على الشيء بمعنى الميل إليه ، أو الإقامة عليه ؛ يقال : عرّج فلانعلى المنزل ، إذا حبس مطيّته عليه. انظر : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٠٦ ( عرج ).
(٢٠) قامت الدابّة : وقفت. انظر : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥١٦ ( قوم ).