بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله ؛ نحمده ونستعين به ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا ، ولا تضلنا بأعمالنا ، واهدنا منك إلى سواء السبيل.
وبعد ، فهذا كتاب « متشابه القرآن » للقاضى عبد الجبار ، يأخذ طريقه إلى النشر لأول مرة ، بعد أن فرغت من تحقيقه ومراجعته منذ أكثر من عامين ، وقصدت إلى تحقيق كتابه « تنزيه القرآن عن المطاعن » ـ الذى سبق له النشر عن نسخة واحدة ـ وبعض الكتب الأخرى للحاكم الجشمى ، أحد أعلام التفسير فى القرن الخامس ؛ الذى جعلت من دراسة منهجه فى التفسير وآرائه ـ الاعتزالية ـ فى علم الكلام ، موضوع بحثى لدرجة الدكتوراة.
واليوم أعود لأقدم كتاب القاضى ، فأجدنى قد قدمت له بمقدمة مطولة ، تناولت فى فصلها الأول حياة القاضى رحمهالله ، وتحدثت فى فصلها الثانى عن الكتاب ، وعن عملى فى تحقيقه. وبالرغم من أننى قد أهملت بعض النقاط فى حياة القاضى ـ التى أرجو أن أعود إلى الحديث عنها فى مقدمة تحقيق « التنزيه » ـ إلا أن عبد الجبار أصبح فى حياتنا الثقافية والعلمية أشهر من أن يعرّف ، بعد أن نشر كتابه « المغنى فى أبواب التوحيد والعدل » وبعض كتبه القيمة الأخرى ، حتى إن حاله اليوم لتذكرنا بالمكانة التى احتلها قديما لدى العلماء والمصنفين ، وبخاصة المعتزلة منهم الذين كانوا يلقبونه بقاضى القضاة ، ولا يطلقون هذا اللقب على سواه ، ولا يعنون به عند الإطلاق غير.