٥ ـ مسألة : فان سأل فقال : إنكم بنيتم (١) الكلام فى المتشابه على أنه من الباب الذى يمكن أن يستدل به ، كالمحكم ، وإن كان يحتاج إلى قرينة محددة ، وهذا إنما كان يتم لو صح أن المتشابه مما يمكن أن يعرف المراد به ولا يكون الغرض بإنزاله الإيمان به فقط. فبينوا فساد هذا القول ، فان كثيرا من الناس يعتمده فيقول : إن المتشابه هو الذى لا يعلم تأويله الا الله ، وهو الذى لا سبيل للمكلف الى العلم به وانما كلف الإيمان به. وانما يفارق المحكم بأن لا يمكن أن يعلم المراد به كالمحكم ، ولا يصح كونه دلالة كما يصح ذلك فى المحكم. وعلى هذا الوجه قال قوم إن المتشابه هو نحو قوله عز وجل : ( المص ) ، ( كهيعص ) إلى ما يشا كله مما لم يوضع فى اللغة لشيء ، فيكون دلالة على المراد بوجه من الوجوه ، وقوله عز وجل : ( وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ ) (٢) بعد تقدم ذكر المتشابه يدل أيضا على صحة هذا القول.
فأنتم بين أمرين : إما أن تقولوا بما قدمتم فيبطل بهذا الوجه ، أو تقولوا فى المتشابه إنه لا يمكن أن يعلم المراد به فيؤدى إلى كونه عز وجل عابثا فى إنزاله له (٣) تعالى الله عن ذلك!
قيل له : لا يجوز عليه عز وجل أن يخاطب إلا لغرض يرجع الى المكلف لأنه يستحيل عليه المنافع والمضار ؛ فإنما يقصد بخطابه نفع المكلف ، كما يقصد بسائر أفعاله
__________________
(١) د : نفيتم
(٢) من الآية : ٧ سورة آل عمران ، وقد أثبتنا ـ الآية بتمامها فى صفحة ٦.
(٣) ساقطة من : د