النحل : والانعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون إلى قوله
____________________
وأما قوله تعالى : ( يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ) فالمراد الازار والرداء كمامر توضيحه في ج ٧٩ ص ٢٩٨ وانما عبر عنهما بالزينة لكونهما موجبا لتزيين البدن وحشمته ، ولما قال ( عند كل مسجد ) والمسجد موضع الصلاة ، كان المراد أخذ الزينة بلبس الازار والرداء عند الصلاة ، ولذلك كره الصلاة من دون رداء بحيث يعرى أعالى البدن.
وهذه الاية من المتشابهات على اصطلاح القرآن المجيد حيث انها تشبه الايات التى هى ام الكتاب : توهم كونها مستقلة برأسها وليس كذلك.
بيان هذا انجازا لما وعدنا في ج ٨٢ ص ٣٢٢ أنه قال الله عزوجل : ( هو الذى أنزل عليك الكتاب : منه آيات محكمات هن أم الكتاب ، وأخر متشابهات. فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ـ وما يعلم تأويله الا الله ـ والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر الا اولوا الالباب ) آل عمران : ٧.
والمعنى أن آيات القرآن على قسمين : قسم هى محكمات وهن معذلك أم الكتاب و أصله ومرجعه ، وقسم آخر هى محكمات تشابه أم الكتاب.
فكل الايات محكمة لقوله تعالى ( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) هود : ١ ، مثلا قوله تعالى ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) الاية من القسم الاول فان الصلاة فرض مستقل في حد نفسها ، والاية أم الكتاب وأصل يرجع اليه فروع : كقوله تعالى ( وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ) ومعناه في السنة : ( لا صلاة لجار المسجد الا في المسجد ) وقوله تعالى : ( فاقرؤا ما تسير من القرآن ) ومعناه في السنة ( لا صلاة الا بفاتحة الكتاب ) ، وامثال ذلك مما سنشرحه في محله. فظاهر تلك الاوامر كلها يشبه أم الكتاب وكونها مستقلة يجب الاتيان بها في نفسها ، لكن بعضها أم الكتاب مستقل في حد نفسها كالصلاة والصوم والحج ، وبعضها متشابه به غير مستقل أدخلها النبى صلىاللهعليهوآله في الفرائض المستقلة ، الحاق الفرع بالاصل والولد بأمه.
فأما الذين في قلوبهم زيغ
واعوجاج عن الفطرة وميل إلى الاستبداد وهوى