وقال ابن فارس : قال بعض أهل اللغة : لا يكون أعطان الابل إلا حول الماء ، فأما مباركها في البرية أو عند الحي فهي المأوى ، وقال الازهري : أيضا عطن الابل موضعها الذي تتنحى إليه أي تشرب الشربة الثانية ، وهو العلل ، ولا تعطن الابل على الماء إلا في حمارة القيظ ، فاذا برد الزمان فلا عطن للابل ، والمراد بالمعاطن في كلام الفقهاء المبارك انتهى.
وظاهر الفقهاء أن الكراهة تشتمل كل موضع يكون فيه الابل ، والاولى ترك الصلاة في الموضع الذي تأوي إليه الابل ، وإن لم تكن فيه وقت الصلاة كما يومي إليه بعض الاخبار ، وصرح به العلامة في المنتهى معللا بأنها بانتقالها عنها لا تخرج عن اسم المعطن إذاكانت تأوي إليه.
ثم إن الذي ورد في أخبارنا إنما هو بلفظ العطن ، وقد عرفت مدلوله لغة ، وأكثر أصحابنا حكموا بالتعميم كالمحقق والعلامة ، وقال ابن إدريس في السرائر بعد تفسير المعطن بما نقلناه : هذا حقيقة المعطن عند أهل اللغة إلا أن أهل الشرع لم يخصص ذلك بمبرك دون مبرك انتهى.
واستندوا في التعميم بما رواه الجمهور عن النبي صلىاللهعليهوآله قال : إذا أدركتم الصلاة وأنتم في مراح الغنم فصلوا فيها فانها سكينة وبركة ، وإن أدركتم الصلاة وأنتم في أعطان الابل فاخرجوا منها فانها جن من جن خلقت ألاترى أنها إذا نفرت كيف تشمخ بأنفها.
وعن جابر بن سمرة أن رجلا سأل رسول الله صلىاللهعليهوآله أنصلى في مرابض الغنم؟ قال : نعم ، قال : أنصلي في مبارك الابل؟ قال : لا.
وعن البراء قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا تصلوا في مبارك الابل فانها من الشياطين.
ولا يخفى أن بعض تلك الروايات على تقدير صحتها تؤمى إلى كراهة الصلاة في كل موضع حضر فيه إبل ، مع أنهم ذكروا في السترة أنها تتحقق بالبعير ، ورووا أن النبي صلىاللهعليهوآله صلى إلى بعير ، ورووا عنه صلىاللهعليهوآله أنه كان يعرض راحلته ويصلي إليها