ونفك العاني ، فنزلت.
( اولئك حبطت أعمالهم ) التي هي العمارة والسقاية والحجابة وفك العناة التي يفتخرون بها أو مطلقا بما قارنها من الشرك ( وفي النارهم خالدون ) لاجله ، وفيها دلالة على بطلان أعمال الكفار وعدم صحة شئ منها ويمكن أن يفهم منها جواز منعهم من مثل العمارة.
( إنما يعمر مساجد الله ) الحصر إما إضافي بالنسبة إلى اولئك المشركين ، أو مطلق الكفرة ، فهذه الآوصاف لتفخيم شأن عمارة مساجد الله ، وتعظيم عاملها ، وأنه ينبغي أن يكون على هذه الاوصاف ، ولبيان بعد اولئك عن عملها ، أو المراد عمارتها حق العمارة التي لا يوفق لها إلا هؤلاء الموصوفون باعتبار قوة إيمانهم ، وكمال إخلاصهم أو المراد أنه لا يستقيم ولا يصح عمارة مساجد الله من أحد على طريق الولاية عليها إلا ممن كان كذلك ، فان الظاهر أن اولئك المفتخرين أرادوا نحو ذلك ، وأنهم ولاة المسجد الحرام ، فيختص بالنبي والائمة الطاهرين صلوات الله عليهم. على أن الظاهر من قوله ( ولم يخش إلا الله ) عدم سبق الفسق ، بل ولا ذنب فكيف الكفر ، و قيل : إنهم كانوا يخشون الاصنام ويرجونها ، فاريد نفي تلك الخشية.
( فعسى اولئك أن يكونوا من المهتدين ) تبعيد للمشركين عن مواقف الاهتداء وحسم لاطماعهم في الانتفاع بأعمالهم التي استعظموها وافتخروا بها ، وأملوا عاقبتها بأن الذين آمنوا وضموا إلى إيمانهم العمل بالشرائع ، مع استثعار الخشية والتقوى اهتداؤهم دائربين عسى ولعل ، فما بال المشركين يقطعون أنهم مهتدون ويأملون عند الله الحسنى.
وقيل في هذا الكلام ونحوه لطف للمؤمنين في ترجيح الخشية ، ورفض الاغترار بالله ، وقيل عسى إشارة إلى حال المؤمنين وأنهم مع ذلك في دعواهم للهداية ، وعد نفوسهم من المهتدين على هذا الحال ، فما بال الكفار يقطعون لانفسهم بالاهتداء ، ثم ذلك للمؤمنين إما أن يكون لرجحان الخشية وقوتها ، أو على سبيل التأدب والتواضع أو نظرا منهم إلى مرتبة أعلى ودرجة أسنى.