القيام بالليل كناية عن الصلاة بالليل « إلا قليلا » منه وهو « نصفه » بدل عن قليلا كماهو الظاهر وقلته بالنسبة إلى جميع الليل ، وانقص وزد عطف على قم بتقدير فتأمل ، وضمير منه وعليه للنصف أو قليلا ، فمعناه : قم واشتغل بالصلاة في نصف الليل أو أقل منه أوأيد منه ، وإلى هذا أشار الصادق عليهالسلام على ما نقل في مجمع البيان قال عليهالسلام القليل النصف ، او انقص من القليل أو زد على القليل.
ويبعد كون نصفه بدلا من الليل لتوسط الاستثناء بين البدل والمبدل مع الالتباس ، بل ظهور خلافه ولزوم لغوية أو انقص منه ، لانه بعينه معنى قوله قم نصف الليل إلا قليلا ، فيحتاج إلى العذر بأنه قيل أو انقص لمناسبة أو زد كما قال : في مجمع البيان (١) أو أنه قد يحسن الترديد بين الشئ على البت وبينه وبين غيره على التخيير كما فعله الكشاف والبيضاوي وصاحب كنز العرفان (٢) وكلاهما تكلف بعيد عن فصاحة كلام الله تعالى خصوصا الثاني ، لان مرجعه إلى التخيير بينهما.
قال البيضاوي : أو نصفه بدل من الليل ، فالاستثناء منه والضمير في منه وعليه للاقل من النصف كالثلث ، فيكون التخيير بينه وبين الاقل منه كالربع والاكثر منه كالنصف ، ولا يخفى ما فيه من لزوم لغوية الاستثناء ، فانه ينبغي أن يقول حينئذ قم نصف الليل أو انقص منه ، ومن أن الاقل ليس له مرتبة معينة حتى يقال او انقص منه أو زد عليه ليصل إلى الربع والنصف ، وهو ظاهر.
وكذا كون المراد بإلا قليلا ، قليلا من الليالي ، وهي ليالي العذر والمرض لعدم ظهور كون الليل للاستغراق وعدم الاحتياج إلى الاستثناء ، وللاحتياج إلى التكلف في الاستثناء ، والبدل في أو انقص أو زد ، ولما سيجئ في هذه السورة من قوله : « إن ربك يعلم أنك تقوم » إلى آخرها (٣).
____________________
(١) مجمع البيان ج ٩ ص ٣٧٧.
(٢) كنز العرفان ج ١ ص ١٥٠ ط المكتبة المرتضوية.
(٣) قد عرفت آنفا ص
١١٩ أن قوله تعالى « نصفه
» بيان لنتيجة الاستثناء ، بملاحظة
قيامه صلىاللهعليهوآله
اوائل الليل وأن مفاد هذه الاية ينطبق على آية آخر السورة طابق النعل بالنعل ،