نصفه بدلا من قليلا ، وكان تخييرا بين ثلاث : بين قيام النصف بتمامه ، وبين قيام الناقص منه ، وبين قيام الزائد عليه ، وإنما وصف النصف بالقلة بالنسبة إلى الكل (١).
وإن شئت قلت : لما كان معنى « قم الليل إلا قليلا نصفه » إذا أبدلت النصف من الليل ، قم أقل من نصف الليل ، رجع الضمير في منه وعليه إلى الاقل من النصف فكأنه قيل قم أقل من نصف الليل ، أو قم انقص من ذلك الاقل ، أو أزيد منه قليلا فيكون التخيير فيما وراء النصف بينه وبين الثلث.
ويجوز إذا أبدلت نصفه من قليلا وفسرت به أن تجعل قليلا الثاني بمعنى نصف النصف وهو الربع ، كأنه قيل أو انقص منه قليلا نصفه ، ويجعل المزيد على هذا القليل أعني الربع نصف الربع ، كأنه قيل أو زد عليه قليلا نصفه ، ويجوز أن يجعل الزيادة لكونها مطلقة تتمة الثلث ، فيكون تخييرا بين النصف والثلث و الربع انتهى.
ولا يخفى ما في أكثر تلك الوجوه من التكلف والتصلف.
وقيل نصفه بدل من الليل المستثنى منه قليلا ، اي ما بقي بعد الاستثناء (٢) ويرجع ضميرا منه وعليه إلى قيام ذلك أو إلى نصفه ، وربما كان القليل المستثنى عبارة عما يصرف في العشائين ونحوهما من أول الليل ، ويمكن أن يقال : على بعض الوجوه عبر عن نصف الليل بالليل إلا القليل إشارة إلى أن النصف الذي هو وقت القيام أكثر بركة وأقوى شرفا حتى كأنه أكثر بحيث إذا قام فيه قام الليل إلا قليلا أو الاستثناء إشارة إلى وقود النوم والاستراحة من النصف الآخر (٣) دون ما صرف
____________________
(١) قد عرفت أن القلة في النصف الاولى بمناسبة القيام في أوائل الليل قهرا ولصلاة المغرب والعشاء شرعا ، والغفلة عن هذا أوردهم في هذه المخمصة.
(٢) ويجوز على هذا الوجه أن يكون بيانا له كما عرفت.
(٣) قد عرفت أن
النبي صلىاللهعليهوآله
لم يكن ليتهجد بصلاته الا بعد نزول آية الاسراء ، بل
كان يقوم نصف الليل بتمامه أو ثلثه أو ثلثيه على ما حكاه الله عزوجل في آخر السورة