وعَلَى هذَا ( فَالْمَسْحُ ) مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مَعْنَيْينِ فَإِنْ جَازَ إِطْلَاقُ اللَّفْظَةِ الْوَاحِدَةِ وَإِرَادَةُ كِلَا مَعْنَيْيهَا إِنْ كَانَتْ مُشْتركة أَوْ حَقِيقَةً فِى أَحَدِهِمَا مَجَازاً فى الآخَرِ كَمَا هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِىِّ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ قِيلَ بِالْمَنْعِ فَالْعَامِلُ مَحْذُوُفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَامْسَحُوا بِأَرْجُلِكُمْ مَعَ إِرَادَةِ الْغَسْلِ وَسَوَّغَ حَذْفَهُ تَقَدُّمُ لَفْظِهِ وَإِرَادَةُ التَّخْفِيفِ وَلَكَ أَنْ تَسْأَلَ عَنْ شَيْئَيْنِ. ( أَحَدُهُمَا ) أَنَّكُمْ قُلْتُمْ الْبَاءُ فِى ( بِرُؤُسِكُمْ ) لِلتَّبْعِيضِ فَهَلْ هِىَ كَذلِكَ فى الْأَرْجُلِ حَتَّى سَاغَ عَطْفُهَا بِالْجَرِّ لِأَنَّ الْمَعْطُوف شَرِيكُ الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فى عَامِلِهِ وَالْجَوَابُ نَعَمْ لِأَنَّ الرِّجْلَ تَنْطَلِقُ إِلَى الفَخِذِ وَلكِنْ حُدِّدَتْ بِقَوْلِهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فَهُوَ عَطْفُ بَعْضٍ مُبَيَّنٍ عَلَى بَعْضٍ مُجْمَلٍ ولا لَبْسَ فِيهِ كَمَا يُقَالُ خُذْ مِنْ هذَا مَا أَرَدْتَ وَمِنْ هذَا نِصْفَهُ وَقَدْ قَرَأَ نِصْفُ السَّبْعَةِ بِالْجَرِّ ونِصْفُهُمْ بِالنَّصْبِ فَوَجْهُ الْجَرِّ مُرَاعَاةُ لَفْظِ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ لِلتَّبْعِيضِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهذَا يُقَوِّى مَذْهَبَ الشَّافِعِىِّ قَالَ الْأَزْهَرِىُّ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى هذِهِ الْقِرَاءَةِ غَسْلٌ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الرِّجْلِ لَوْ كَانَ مَسْحاً كَمَسْحِ الرَّأْسِ لَمَا حُدِّدَ ( إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) كَمَا جَاءَ التَّحْدِيدُ فِى الْيَدَيْنِ ( إِلَى الْمَرافِقِ ) وَقَالَ ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) بِغَيْرِ تَحْدِيدٍ وَوَجْهُ النَّصْبِ اسْتِئْنَافُ الْعَامِلِ وَهَذَا يُقَوِّى مَذْهَبَ مَنْ يَمْنَعُ حَمْلَ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَعْنَيَيْهِ أَوْ عَطْفُهُ عَلَى مَحَلِّ الْبَاءِ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ وَامْسَحُوا بَعْضَ رُءُوسِكُمْ فَعُطِفَ عَلَى الْمُقَدَّرِ عَلَى تَوَهُّمِ وُجُودِهِ وَالْعَطْفُ عَلَى الْمَعْنَى وَيُسَمَّى الْعَطْفَ عَلَى التَّوَهُّمِ كَثِيرٌ فِى كَلَامِ الْعَرَبِ.
و ( الثَّانِى ) عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ البَشَرَةُ والشَّعْرُ بَدَلٌ عَنْهَا أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنْ قِيلَ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ الْبَشَرَةَ أَصْلٌ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ حَلَقَ بَعْضَ رَأْسِهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الشَّعْرِ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْأَصْلِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَداً مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ قَالَ بِهِ وَإِنْ قِيلَ بِالثَّانِى وَهُوَ أَنَّ الشَّعْرَ أَصْلٌ فَيَنْبَغِى أَنْ يَجُوزَ الْمَسْحُ عَلَى أَىِّ مَوْضِع كَانَ مِنَ الشَّعْرِ سَوَاءٌ خَرَجَ الْمَمْسُوحُ عَنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ أَوْ لَا وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ و ( مَسَحْتُ ) الْأَرْضَ مَسْحاً ذَرَعْتُهَا وَالاسْمُ ( الْمِسَاحَةُ ) بِالْكَسْرِ و ( الْمِسْحُ ) البَلَاسُ وَالْجَمْعُ ( الْمُسُوحُ ) مِثْلُ حِمْلٍ وَحُمُولٍ.
و ( الْمَسِيحُ ) عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ مُعَرَّبٌ وَأَصْلُهُ بِالشِينِ مُعْجَمَةً و ( الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ ) صَاحِبُ الفِتْنَةِ العُظْمَى. قَالَ ابْنُ فَارِسٍ ( الْمَسِيحُ ) الَّذِى مُسِحَ أَحَدُ شِقَّىْ وَجْهِهِ وَلَا عَيْنَ لَهُ وَلَا حَاجِبَ وسُمِّىَ الدَّجَّالُ ( مَسِيحاً ) لِأَنَّهُ كَذلِكَ وَمِنْهُ دِرْهَمٌ ( مَسِيحٌ ) أَىْ أَطْلَسُ لَا نَقْشَ عَلَيْهِ وَقَدْ جَمَعَ الشَّاعِرُ بَيْنَ الاسْمَيْنِ فقال :
إنَّ المَسِيح يَقْتُل المَسِيحَا
والْمَسِيحَةٌ : الذُّؤَابَةُ وَالْجَمْعُ ( الْمَسَائِحُ ) و ( التِّمْسَاحُ ) مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ يُشْبِهُ الوَرَلَ فِى الْخَلْقِ لكِنْ يَكُونُ طُولُهُ نَحْوَ خَمْسِ أَذْرُعٍ وَأَقَلَّ مِنْ ذلِكَ وَيَخْتَطِفُ الإِنْسَانَ والبَقَرَةَ وَيَغُوصُ بِهِ فِى الْمَاءِ فَيَأْكُلُهُ و ( التِّمْسَحُ ) كَأَنَّهُ مَقْصُورٌ مِنْهُ وَالْجَمْعُ ( تَمَاسِحُ ) و ( تَمَاسِيحُ ).
[م س خ] مَسَخَهُ : اللهُ مَسْخاً حَوَّلَ صُورَتَهُ الَّتِى كَانَ عَلَيْهَا إِلَى غَيْرِهَا و ( مَسَخَ ) الْكَاتِبُ إِذَا صَحَّفَ فَأَحَالَ الْمَعْنَى فِى كِتَابَتِهِ.
[م س س] مَسِسْتُهُ : مِنْ بَابِ تَعِبَ وَفِى لُغَةٍ ( مَسَسْتُهُ مَسّاً ) مِنْ بَابِ قَتَلَ أَفْضَيْتُ إِلَيْهِ بِيَدِى مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ هكَذَا قيَّدُوهُ وَالاسْمُ ( الْمَسِيسُ ) مِثْلُ كَرِيمٍ و ( مَاسَّهَا مُمَاسَّةً ) كَذلِكَ وَ ( مَسَّتِ ) الْحَاجَةُ إِلَى كَذَا أَلْجَأَتْ إِلَيْهِ و ( مَاسَّه ) ( مُمَاسَّةً ) و ( مِسَاساً ) مِنْ بَابِ قَاتَلَ بِمَعْنَى ( مَسَّهُ ) و ( تَمَاسَّا ) مَسَّ كُلُّ وَاحِدٍ الآخَرَ و ( مَسَ ) الْمَاءُ الْجَسَد ( مَسّاً ) أَصَابَهُ وَيَتَعَدَّى إِلَى ثَانٍ بِالْحَرْفِ وَبِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ ( مَسِسْتُ ) الْجَسَدَ بِمَاءٍ و ( أَمْسَسْتُ ) الْجَسَدَ مَاءً.
[م س ك] مَسَكْتُ : بِالشَّىءِ ( مَسْكاً ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ و ( تَمَسَّكْتُ ) و ( امْتَسَكْتُ ) و ( اسْتَمْسَكْتُ ) بِمَعْنَى أَخَذْتُ بِهِ وتَعَلَّقْتُ وَاعْتَصَمْتُ و ( أَمْسَكْتُهُ ) بِيَدِى ( إِمْسَاكاً ) قَبَضْتُهُ بِالْيَدِ وَ ( أَمْسَكْتُ ) عَنِ الْأَمْرِ كَفَفْتُ عَنْهُ و ( أَمْسَكْتُ ) الْمَتَاعَ عَلَى نَفْسِى حَبَسْتُهُ و ( أَمْسَكَ ) اللهُ الْغَيْثَ حَبَسَهُ ومَنَعَ نُزُولَهُ و ( اسْتَمْسَكَ ) الْبَوْلُ انْحَبَسَ والْبَوْلُ ( لَا يَسْتَمْسِكُ ) لَا يَنْحَبِسُ بَلْ يَقْطُرُ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ و ( اسْتَمْسَكَ ) الرَجُلُ عَلَى الرَّاحِلَةِ اسْتَطَاعَ الرُّكُوبَ و ( الْمَسْكُ ) الجِلْدُ وَالْجَمْعُ ( مُسُوكٌ ) مِثْلُ فَلْسٍ وفُلُوسٍ و ( الْمَسَك ) بِفَتْحَتَيْنِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَبْلٍ أَوْ عَاجٍ و ( الْمُسْكَةُ ) وِزَانُ غُرْفَةٍ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مَا يُمْسِكُ الرَّمَقَ وَلَيْسَ لِأَمْرِهِ ( مُسْكَةٌ ) أَىْ أَصْلٌ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ ( مُسْكَةٌ ) أَىْ عَقْلٌ وَلَيْسَ بِهِ ( مُسْكَةٌ ) أَىْ قُوَّةٌ و ( الْمِسْكُ ) طِيبٌ مَعْرُوفٌ وَهُوَ مُعَرَّبٌ والْعَرَبُ تُسَمِّيهِ الْمَشْمُوم وَهُوَ عِنْدَهُمْ أَفْضَلُ الطِّيبِ وَلِهذَا وَرَدَ « لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ عِنْدَ اللهِ أطْيَبُ مِنْ رِيحِ المِسْكِ ».
تَرْغِيباً فِى إِبْقَاءِ أَثَرِ الصَّوْمِ قَالَ الفَرَّاءُ ( الْمِسْكُ ) مُذَكَّرٌ وَقَالَ غَيْرُهُ يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ فَيُقَالُ هُوَ ( الْمِسْكُ ) وَهِىَ الْمِسْكُ وأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَلَى التَّأْنِيثِ قَوْلَ الشَّاعِرِ :
وَالْمِسْكُ والْعَنْبَرُ خَيْرُ طِيبِ |
|
أُخِذَتَا بِالثَّمَنِ الرَّغِيبِ |
وَ قَالَ السِّجِسْتَانِىُّ مَنْ أَنَّثَ ( الْمِسْكَ ) جَعَلَهُ جَمْعَاً فَيَكُونُ تَأْنِيثُهُ بِمَنْزِلَةِ تَأْنِيثِ الذَّهَبِ وَالْعَسَلِ قَالَ وَوَاحدَتُهُ ( مِسْكَةٌ ) مِثْلُ ذَهَبٍ وَذَهَبَةٍ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَأَصْلُهُ ( مِسِكٌ ) بكَسْرَتَيْن قَالَ رُؤْبَةُ :
إِنْ تُشْفَ نَفْسِى مِنْ ذُبَابَاتِ الحَسَكْ |
|
أحْرِبِهَا أطْيَبَ مِنْ رِيحِ المِسِكْ |