الخاتمة
إِذَا كَانَ الفِعْلُ الثُّلَاثِىُّ عَلَى فَعَلَ بِالْفَتْحِ مَهْمُوزَ الآخِرِ مثلُ قَرَأَ ونَشَأَ وبَدَأَ فَعَامَّةُ الْعَرَبِ عَلَى تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ فَتَقُولُ ( قَرَأْتُ ونَشَأْتُ وَبَدَأْتُ ) وحَكَى سِيبَوَيْهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا زَيْدٍ يَقُولُ وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُخَفِّفُ الْهَمْزَةَ فَيَقُولُ ( قَرَيْتُ ونَشَيْتُ وبَدَيْتُ ومَلَيْتُ الإِناءَ وخَبَيْتُ المَتَاعَ ) وَمَا أشْبَهَ ذلِكَ قَالَ قُلْتُ لَهُ كَيْفَ تَقُولُ فى الْمُضَارع قَالَ ( أَقْرَا و أَخْبَا ) بالْأَلِفِ قَالَ قُلْتُ الْقِيَاسُ أَقْرِى مِثْلُ رَمَى يَرْمىِ وجَوَابُهُ مَعَ التَّعْوِيلِ عَلَى السَّمَاعِ أَنَّهُمْ إِنِ الْتَزَمُوا الْحَذْفَ جَرَى عَلَى الْقِيَاسِ مِثْلُ ( قَرَيْتُ ) المَاءَ فى الحَوْضِ ( أَقْرِيهِ ) وَإِلَّا أَبْقَوُا الْفَتْحَةَ فِى الْمضَارِعِ تَنْبِيهاً عَلَى انْتِظَارِ الْهَمْزَةِ فَلَوْ قِيلَ أَقْرِى زَالَتِ الْحَرَكَةُ الَّتِى تُنْتَظَرُ مَعَها الْهَمْزَةُ فَلِهذَا حَافَظُوا عَلَيْها وتُخَفَّفُ وَمَأْتُ أوْمَأ فيُقَال وَمَيْتُ أَمِى وتَسْقُطُ الوَاوُ مِثْلَ سُقُوطِهَا فى وَجَى يَجِى ومنهُ ( الصَّابُونَ ) مثلُ القَاضُونَ وَقَرَأَ بِهِ بَعْضُ السَّبْعَةِ بِنَاءً عَلَى صَبَا مُخَفَّفاً ويُقَالُ تَنَا بالبَلَد إِذَا أقام و تَنَا إِذَا اسْتَغْنَى فهُوَ تَانٍ والجمعُ تُنَاةٌ مثْلُ قاض وقضاة قال الشاعر :
شَيْخٌ يَظَلُّ الحِجَجَ الثمانِيا |
|
ضَيْفاً وَلَا تَرَاهُ إلَّا تَانِياً |
وَقَالُوا فى اسْمِ الْمَفْعُول عَلَى التَّخْفِيفِ فَهُوَ مَخْبىّ ومَكْلِىٌّ وَقِسْ عَلَى هذَا.
وَإِنْ كَانَ الثُّلَاثِىُّ مُجَرَّداً وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ التَّضْعِيفِ عَلَى فَعَلْتُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فَهُوَ وَاقِعٌ وَهُوَ الْمُتَعَدِّى وَغَيْرُ وَاقِعٍ وَهُوَ اللَّازِمُ.
فَإِنْ كَانَ لَازِماً فَقِيَاسُ الْمُضَارِعِ الْكَسْرُ نَحْوُ خَفَّ يَخِفُّ وقَلَّ يَقِلُّ وشَذَّ مِنْهُ بِالضَّمِ هَبَ مِنْ نَوْمِهِ يَهُبُ و أَلَ الشَّىءُ يَؤُلُ إِذَا بَرَقَ و أَلَ يَؤُلُ أَلِيلاً رفَعَ صَوْتَهُ ضَارعاً و طَلَ الدَّمُ يَطُلُ إِذَا بَطَلَ وَجَاءَتْ أَيْضاً أَفْعَالٌ بِالْكَسْرِ عَلَى الْأَصْل وَبِالضَّمِّ شُذُوذاً وَهِىَ جَدَّ فى أَمْرِهِ يَجِدُّ وَيَجُدُّ و شَبَ الفَرَسُ يَشِبُ و يَشُبُ رَفَعَ يَدَيْه مَعاً و حَرَّ الْعَبْدُ يَحِرَّ و يَحُرُّ إِذَا عَتَقَ و شَذَّ الشَّىءُ يشِذُّ و يَشُذُّ إِذَا انْفَرَدَ و خَرَّ الْمَاءُ يَخِرُّ و يَخُرُّ خَريراً إِذَا صَوَّتَ و نَسَ الشَّىءُ يَنُسُ و ينُسُ إِذَا يَبس و دَمَ الرَّجلُ يَدِمُ و يَدُمُ إِذا قَبُح مَنْظَرُهُ و دَرَّ اللبَنُ والمَطَرُ يَدِرُّ و يَدُرُّ وَشحَّ يَشِحُّ ويَشُحُّ و شَطَّتِ الدَّارُ تَشِطُّ و تشُطُّ بَعُدَتْ و فَحَّتِ الأَفْعَى تَفِحُ و تَفُحُ صَوَّتت.
وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّياً أَوْ فِى حُكْمِ الْمُتَعَدِّى فَقِيَاسُ الْمُضَارِعِ الضَّمُّ نَحْوُ يَرُدُّه ويمُدُّهُ وَيَذُبُ عَنْ قَوْمِهِ و يَسُدُّ الْخَرْقَ و ذَرَّتِ الشَّمْسُ تَذُرُّ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى أَنَارَتْ غَيْرَهَا و هَبَّت الرِّيحُ تَهُبُ و مَدَّ النَّهْرُ إِذَا زَادَ يَمُدُّ لِأَنَّ مَعْنَاهُ ارْتَفَعَ فَغَطَّى مَكَاناً مُرْتَفِعاً عَنْهُ وشَذَّ مِنْ ذلِكَ بِالْكَسْرِ حَبَّه يَحِبُّهُ وقَرَأَ بَعْضُهُمْ « قُلْ إنْ كُنْتُمْ تَحِبُّونَ اللهَ فاتَّبِعُونِى يَحْبِبْكُمُ الله » عَلَى هذِهِ اللُّغَةِ وشَذَّ أَفْعَالٌ بِالْوَجْهَيْنِ شَدَّهُ يَشِدُّهُ ويَشُدُّه بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ و هَرَّه يَهِرُّه و يَهُرُّه إِذَا كَرِهَهُ و شَطَّ فى حُكْمِهِ يَشِطُّ و يَشُطُّ إِذَا جَارَ و علَّه يَعِلُّه و يَعُلُّهُ إِذَا سَقَاهُ ثَانِياً وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْكِى اللُّغَتَيْنِ فِى اللَّازِمِ أَيْضاً وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى بِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ و نَمَ الْحَدِيثَ يَنِمُّهُ وينُمُّهُ و بَتَّهُ يبِتُّهُ و يبُتُّه بالمُثَنَّاة إِذَا قَطَعَهُ و شَجَّهُ يشِجُّهُ و يشُجُّهُ و رَمَّه يَرِمُّهُ و يرُمُّهُ أَصْلَحَهُ و حَدَّتِ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجهَا تَحِدُّ و تَحُدُّ و حَلَ عَلَيْهِ الْعَذَابُ يَحِلُ و يَحُلُ.
وَإِذَا أَسْنَدْتَ هذَا الْبَابَ إِلَى ضَمِيرٍ مَرْفُوعٍ فَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ أَكْثَرهَا فَكُّ الْإِدْغَامِ نَحْوُ شَدَدْتُ أَنَا وشَدَدْتَ أَنْتَ وَكَذلِكَ ظَلِلْتُ قَائِماً و ( الثَّانِيَةُ ) حَذْفُ الْعَيْنِ تَخْفِيفاً مَعَ فَتْحِ الْأَوَّلِ نَحْوُ ظَلْتُ قَائِماً ( إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ يَصِدُّونَ ) و ( فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ) وهذِهِ لُغَةٌ بَنِى عَامِرٍ وَفِى الحِجَازِ بِكَسْرِ الْأَوَّلِ تَحْرِيكاً لَهُ بِحَرَكَةِ الْعَيْنِ نَحْو ظِلْتُ قَائِماً ( والثَّالِثَةُ ) وَهِىَ أَقَلُّها اسْتِعْمَالاً إِبْقَاءُ الْإِدْغَامِ كَمَا لَوْ أُسْنِدَ إِلَى ظَاهِرِ فَيُقَالُ شَدَّتُ ونَحْوُهُ.
وإذا أَمَرْتَ الْوَاحِدَ مِنْ هذَا الْبَابِ فَفِيهِ لُغَاتٌ إِحْدَاهَا لُغَةُ الْحِجَازِ وَهِىَ الْأَصْلُ فَكُّ الْإِدْغَامِ واجْتِلَابُ هَمْزَةِ الْوَصْلِ نَحْوُ امْنُنْ واردُدْ و ( اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ ) وبَاقِى الْعَرَبِ عَلَى الْإِدْغَامِ واخْتَلَفُوا فِى تَحْرِيكِ الآخِرِ فَلُغَةُ أَهْلِ نَجْدٍ وَهِىَ اللغَةُ الثَّانِيَةُ الْفَتْحُ لِلتَّخْفِيفِ تَشْبِيهاً بأيْنَ وكَيْفَ والثَّالِثَةُ ـ لُغَةُ بَنِى أَسَدٍ ـ الْفَتْحُ أيْضاً إِلَّا إِذَا لَقِيَهُ سَاكِنٌ بَعْدَهُ فَيَكْسِرُونَ نَحْوُ رُدّ الجوابَ والرَّابِعَةُ ـ لُغَةُ كَعْبٍ ـ الْكَسْرُ مُطْلَقاً لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِى الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ كَمَا يُكْسَرُ آخِرُ السَّالِم نَحْوُ اضْرِبِ القَوْمَ والْخَامِسَةُ تَحْرِيكُهُ بِحَرَكَةِ الْأَوَّلِ أَيَّةَ حَرَكَةٍ كَانَتْ نَحْوُ رُدُّ وخِفِّ إلَّا مَعَ