التَّمْيِيزَ عِنْدَ الْبَصْرِيّينَ لَا يَكُونُ إِلَّا نَكِرَةً مَحْضَةٌ.
وشَذَّ مِن فَعُلَ بِالضَّمِّ مُتَعَدِّياً ( رَحُبَتُك الدَّارُ ) و كَفُلْتُ بِالْمَالِ و سَخُوَ بِالْمَالِ فِيمَنْ ضَمَّ الثَّلَاثَة.
( فصل ) : إِذَا كَانَ الْمَاضِى عَلَى فَعَّلَ بالتَّشْدِيدِ فَإنْ كَانَ صَحِيحَ اللَّامِ فَمصْدَرُه التَّفْعِيلُ نَحْوُ كَلَّم تَكْليما وسَلَّم تَسْلِيماً وَإِنْ كَانَ مُعْتَلَّ اللَّامِ فَمَصْدَرُهُ التَّفْعِلَةُ نَحْوُ سَمَّى تَسْمِيَةً و ذَكَّى تَذْكِيَةً وخَلَّى تَخْلِيَةً وأَمَّا صَلَّى صَلَاةً و زكَّى زَكَاةً و وَصَّى وَصَاةً وَمَا أَشْبَهَ ذلِكَ فَإِنَّهَا أَسْمَاءٌ وَقَعَتْ مَوْقِعَ الْمَصَادِرِ واسْتُغْنِى بِهَا عَنْهَا وَيَشْهَدُ لِلْأَصْلِ قَوْلُهُ تَعَالَى ( فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً ).
( فصلٌ ) : اعْلَمْ أَنّ الفِعْلَ لَمَّا كَانَ يَدُلٌّ عَلَى الْمَصْدَرِ بِلَفْظِهِ وَعَلَى الزَّمان بصِيغَتِهِ وعَلَى الْمَكَانِ بِمَحَلِّهِ اشْتُقَّ مِنْهُ لِهذِهِ الْأَقْسَامِ أَسْمَاءٌ وَلَمَّا كَانَ يَدُلُّ عَلَى الْفَاعِل بِمَعْنَاهُ لِأَنَّهُ حَدَثُ والحَدَثُ لَا يَصْدُرُ إِلَّا عَنْ فَاعِلٍ اشْتُقَّ مِنْهُ اسْمُ فَاعِلٍ وَلَا بُدَّ لِكُلِّ فِعْلٍ مِنْ فَاعِلٍ أَوْ مَا يُشْبِهُهُ إِمَّا ظَاهِراً وَإِمَّا مُضْمَراً.
ثُمَّ الثُّلَاثىُّ مُجَرَّدُ وغَيْرُ مُجَرَّد.
فَإِنْ كَانَ مُجَرَّداً فَقِيَاسُ الْفَاعِلِ أَنْ يَكُونَ مُوَازِنَ فَاعِلٍ إِنْ كَانَ مُتَعَدِّياً نَحْوُ ضَارِبٍ وشَارِبٍ وَكَذلِكَ إِنْ كَانَ لَازِماً مَفْتُوحَ الْعَيْنِ أَوْ نَحْوُ قَاعِدٍ وَإِنْ كَانَ لَازِماً مَضْمُومَ الْعَيْنِ أَوْ مَكْسُورَ الْعَيْنِ فَاختُلِفَ فِيهِ فَأَطْلَقَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْقَوْلَ بَمجيِئه عَلَى فَاعِلٍ أَيْضاً وتَبِعَهُ ابْنُ مَالِكٍ فَقَالَ وَيَأَتِى اسْمُ الْفَاعِلِ مِنَ الثُلَاثىّ الْمُجَرَّدِ مُوَازِنَ فَاعِل وقَالَ أبُو عَلِىِّ الْفَارِسىُّ نَحْوَ ذلِكَ قَالَ وَيَأْتِى اسْمُ الْفَاعِلِ مِنَ الثُّلَاثِىِّ مَجِيئاً وَاحِداً مُسْتَمِراً إِلَّا مِنْ فَعُلَ بِضَمّ الْعَيْنِ وكَسْرِهَا وَقَدْ جَاءَ مِنَ الْمَكْسُورِ عَلَى فَاعِلٍ نَحْوُ حَاذِرٍ وفَارِحٍ ونَادِمٍ وجَارِحٍ وقيَّدَ ابْنُ عُصْفُورٍ وَجَمَاعَة مَجِيئَه مِنَ الْمَضْمُومِ والْمَكْسُورِ عَلَى فَاعِلٍ بِشرْط أنْ يَكُونَ قَدْ ذُهِبَ بِهِ مَذْهبَ الزَّمَان ثُمَّ قَالَ ابْنُ عُصْفُورٍ ويَأْتِى مِنْ فَعُلَ بِالضَّمِّ عَلَى فَعِيلٍ وَمِنَ الْمَكْسُورِ عَلَى فَعِلٍ نَحْوُ حَذِرٍ وَقَدْ يَأْتِى عَلَى فَعِيلٍ نَحْوُ سَقِيمٍ وقَالَ الزَّمَخْشَرِىُّ وَتَدُلُّ الصِّفَةُ عَلَى مَعْنىً ثَابِتٍ فَإِنْ قَصَدْتَ الْحُدُوثَ قُلْتَ حَاسِنٌ الآنَ أَوْ غَداً وكَارِمٌ وطَائِلٌ فِى كَرِيمٍ وَطَوِيلٍ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ( وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ ).
قَالَ السَّخَاوىُّ إِنَّمَا عَدَلُوا بِهذِهِ الصِفَاتِ عَنِ الجَرَيَانِ عَلَى الْفِعْلِ لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنْ يَصِفُوا بِالْمَعْنَى الثَّابِتِ فَإِذَا أَرَادُوا مَعْنَى الْفِعْلِ أَتَوْا بِالصِّفَةِ جَارِيةً عَلَيْهِ فَقَالُوا طَائِلٌ غداً كَمَا يُقَال يَطُولُ غَداً وحَاسِنٌ الآنَ كَما يُقَالُ يَحْسُن الْآنَ وَكَذلِكَ قَوْلُهُ ( إِنَّكَ مَيِّتٌ ) لِأَنَّهُ أُرِيدَ الصِّفَةُ الثَّابِتَةُ أَىْ إِنَّكَ مِنَ الْمَوْتَى وَإِنْ كُنْتَ حَيًّا كَمَا يُقَالُ إِنَّكَ سَيِّدٌ فإِذَا أرِيدَ أنَّكَ سَتَمُوتُ أَوْ سَتَسُودُ قِيلَ مَائِتٌ وسَائِدٌ ويُقَالُ فُلَانٌ جَوادٌ فِيمَا استقرّ لَهُ وثَبَتَ ومَرِيضٌ فِيمَا ثَبَتَ لَهُ ومَارِضٌ غداً وَكَذلِكَ غَضْبَانُ وغَاضِبٌ وقِبيحٌ وقَابِحٌ وطَمِعٌ وطَامِعٌ وكَرِيمٌ فَإِذَا جَوَّزْتَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ كَرَمٌ قُلْتَ كَارمٌ.
وأَطْلَقَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ الْقَوْلَ بِمَجِيئِه مِنَ الْمَضْمُومِ وَالْمَكْسُورِ عَلَى فَاعِلٍ وغَيْرِهِ بِحَسَبِ السَّمَاعِ فَيَكُونَ اللَّفْظُ مُشْتَرَكاً بَيْنَ اسْمِ الْفَاعِلِ وبَيْنَ الصِّفَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بَابُ حَسَنٍ وصَعْبٍ وشَدِيدٍ صِفَةٌ وَمَا سِوَاهُ مُشْتَرَكٌ فَيَأْتِى فَعُل بِالضَّمِّ عَلَى فَعِيلٍ كَثِيراً نَحْوُ شَرِيفٍ وقَرِيبٍ وبَعِيدٍ.
وَوَقَعَ فِى الشَّرْحِ رَاخِصٌ أَمَّا عَلَى الْقَولِ باطِّرَادِ فَاعِلٍ مِنْ كُلِّ ثُلَاثِىٍّ فَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِى فَحَقُّه أَنْ تَقُولَ رَخِيصٌ وَجَاء خَشِنٌ وشُجَاعٌ وجَبَانٌ وحَرَامٌ وسُخْنٌ وضَخْمٌ ومَلُحَ الماءُ فهو مَلِحٌ مِثَالُ خَشِنٍ هذَا أَصْلُهُ ثُمَّ خُفِّفَ فَقِيلَ مِلْحٌ وَهُوَ أَسْمَرُ وآدَمُ وأَحْمَقُ وأَخْرَقُ وأَرْعَن وأَعْجَمُ وأَعْجَفُ و أَسْحَمُ أَىْ شَدِيدُ السَّوَادِ وأَكْمَتُ وأَشْهَبُ وأَصْهَبُ وأَكْهَبُ وَمِنْهُمْ مَن يَمْنعَ مَجِيئَهُ مِنْ فَعُلَ بِالضَّمِّ عَلَى فَاعِلٍ ألبَتَّةِ وَيَقُولُ مَا وَرَد مِنْ ذلِكَ فَهُوَ فِى الْأَصْلِ مِنْ لُغَةِ أُخْرَى فَيَكُونُ عَلَى تَدَاخُلِ اللُّغَتَيْنِ وَرُبَّما هُجِرَتْ تِلْكَ اللُّغَةُ واستُعْمِلَ اسْمُ الْفَاعِلِ مِنْهَا عَلَى اللُّغَةِ الْأُخْرَى نَحْوُ طَهُرَتِ المَرأةُ فَهِىَ طَاهِرٌ وفَرُهَ الدَّابَّةُ فَهِىَ فَارِهٌ واللُّغةُ الْأُخْرَى طَهَرَتْ بِالْفَتْحِ وفَرَهَ بِالْفَتْحِ أَيْضاً وَكَذلِكَ مَا أَشْبَهَهُ.
وَيَأتى اسْمُ الْفاعِل على فُعَلَةٍ بِفَتْح الْعَيْن نَحْوُ حُطَمَةٍ و ضُحَكَةٍ لِلَّذِى يَفْعَلُ ذلِكَ بِغَيْرِهِ واسْمُ الْمَفْعُولِ بِسُكُونِهَا.
وَهُوَ مِدْرَهٌ ومِسْعَرُ حَرْبٍ وحَكِيمٌ وخَبِيرٌ و عَجَزَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا أَسَنَّتْ فَهِىَ عَجُوزٌ و عَقَرتْ قَوْمَها آذَتْهُمْ فَهِىَ عَقْرَى و عَادَ الْبَعِيرُ عَوْداً هَرِمَ فَهُوَ عَوْدٌ و سَقَطَ الوَلَدُ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ فَهُوَ سِقْطٌ مُثَلَّثُ السِّينِ ومَلَكَ عَلَى النَّاسِ فَهُوَ مَلِكٌ وصَقَلَهُ فَهُوَ صَقِيلٌ وجَاءَ طَاعُونٌ و نَاظُورٌ وَسَلَفَ الشَّىءُ إِذَا مَضَى فَهُوَ سَلَفٌ وبَعَلَ إِذَا تَزَوَّجَ [فهو بَعْلٌ وحَلَا الشىءُ ] وَهُوَ حُلْوٌ وَيَأْتِى مِنْ فَعِلَ بِالْكَسْرِ عَلَى فَعِلٍ بِالْكَسْرِ وَعَلَى فَعِيلٍ كَثِيراً نَحْوُ تَعِبَ فَهُوَ تَعِبٌ وحَمِقَ فَهُوَ حَمِقٌ وفَرِحَ فَهُوَ فَرِحٌ ومَرِضَ فَهُوَ مَرِيضٌ وغَنِىَ فهو غَنِىٌّ وجَاءَ أَيْضاً أَوْجَلُ وأَعْرَجُ وأَعْمَى وأَعْمَشُ وأَخْفَشُ وأَبْيضُ وأحْمَرُ وغَيْرُ ذلِكَ مِنَ الْأَلْوَانِ وإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَفْعَال غَيْرَ مُسْتَعْمَلٍ وَجَاءَ أَيْضاً خَرَابٌ وعُرْيَانٌ وسَكْرَانٌ وَهُوَ مُرُّ وجَزُوعٌ و ضَوِىَ الوَلَدُ فهو ضَاوِىّ ويَقِظٌ بِالْكَسْرِ والضَّمِّ وَقَدْ يَأْتِى مِنْ فَعَلَ بِالْفَتْحِ على أَفْعَلَ نَحْوَ شَابَ فَهُوَ أَشْيَبُ و فَاحَ الْوَادِى إِذَا اتَّسَعَ فَهُوَ أَفْيَحُ و بَلَجَ الْحَقُّ فَهُوَ أَبْلَجُ و عَزَبَ الرَّجُلُ فَهُوَ أَعْزَبُ وَحَيْثُ كَانَ الْفَاعِلُ عَلَى أَفْعَلَ لِلْمُذَكَّرِ فَهُوَ للْمُؤَنَّث عَلَى