وقد روى الحديث عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، إلّا أنّه لم يكن مكثراً من الرواية ، فلم يخرّج له أصحاب الصحاح والسنن كثيراً وأحاديثه لا تبلغ العشرين ، وقد ذكر ابن النديم في الفهرست في مؤلفات إبراهيم الحربي المتوفى سنة ٢٨٥ (مسند العباس) ولمّا لم يصل إلينا لنعرف ما فيه فنكتفي بذكر ما روي عنه في كتب الحديث (١) وإليك منها : ثلاثة عشر حديثاً على النحو التالي :
_______________________
(١) لقد ورد له في المسند الجامع ـ المؤلف حديثاً ـ ٢١ حديثاً في ٨ / ١٢٢ ـ ١٣٧ بينها أحاديث موضوعة على لسانه كما في حديث أبي طالب في ضحضاح من نار المروي في صحيح مسلم ، ويكفي في سقوطه سنداً وجود عبد الملك بن عمير اللخمي الذي عاش فترة من حكم معاوية ثم ابنه يزيد ثم بني مروان ، وولي القضاء بالكوفة لهم ، وهو الذي ذبح عبد الله بن يقطر رسول الحسين عليه السلام إلى أهل الكوفة فقبض عليه وأمر به ابن زياد أن يلقى من أعلى القصر فرمي وتكسرت عظامه وبقي به رمق ، فأتاه عبد الملك بن عمير اللخمي فذبحه ولما عيب عليه قال أردت أن أريحه ، ثم صار بعد ذلك يروي الحادثة ويكني عن نفسه فيقول ذبحه رجل. وأخيراً فقد ساء حفظه فكان أبو حاتم وابن معين وأحمد يضعفونه ـ ميزان الاعتدال وفيه كان شعبة لا يرضاه ـ هذا من ناحية سقوط السند.
وأما من جهة المتن فهو مخالف للكتاب حيث
يقول عز من قائل : (
كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) ـ إلى قوله تعالى ـ ( فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ
الشَّافِعِينَ )
المدثر ٣٨ ـ ٤٨. فلو قلنا بصحة الحديث لأن مسلماً رواه في صحيحه ، فلا شفاعة للنبيّ بحق عمه لأنه مات مشركاً كما يزعم الزاعمون ـ ولو صدقت الأحلام للزمنا تزييف الحديث لمناقضته لحديث آخر رواه مسلم أيضاً في نفس الموضع عن أبي سعيد الخدري حيث روى (لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة...) بينما في حديث العباس ان النبيّ صلى الله عليه وسلم نفع عمه فأنقذه بشفاعته (هو في ضحضاح من نار ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار) فالحديث كسائر الأحاديث المكذوبة على لسان العباس وغيره الموضوعة في العهد الأموي إيغالاً في بغض الإمام أميرالمؤمنين عليه
السلام ، وإلّا أبو طالب ما كان مشركاً بل كان موحداً حنيفاً مسلماً على ملة إبراهيم ولما أتى الإسلام آمن به وصار
يكتم إيمانه حفاظاً على سلامة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ودفاعاً عنه ، وشعره الطافح بإيمانه في سره وإعلانه ، يغني المرء عن بيانه فهو كمؤمن آل فرعون كما ورد
في