انتشر الإسلام وخفقت رايته على ربوع الحجاز ، وظهر أمر الله وقريش له كارهون ، وكثر المسلمون بعد هجرة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقويت شوكتهم بعد موقعة بدر الكبرى ، حيث نصر الله نبيّه على قريش وأيّده بجنود لم يروها ، ومضت ستة أعوام على هجرته فيحنّ الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أم القرى ، لزيارة بيت ربّه ، ومقام أبيه إبراهيم عليهالسلام ، فيتهيأ ويدعو المسلمين ، ويخرج ومعه الف وستمائة رجل ، فذي ركائبهم تجوب البيداء القاحلة ، وذا هديهم معهم قد ساقوه حيث ساق الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتخرج قريش عندما علمت بمقدمه فتصدّه عن دخول مكة ، فيقيم بالحديبية (١) يبعث إليهم إني ما خرجت أريد قتالاً ، وإنّما أردت زيارة هذا البيت ، فلم يقبلوا منه ، وواعدوه أن يخلوا له مكة من قابل ثلاثة أيام يزور فيها البيت ويؤدي مناسكه ، وتكتب بذلك وثيقة الصلح بين الفريقين ، وفيها اشترطوا : أن لا تؤذي قريش أحداً من المسلمين ـ وان كان بمكة ـ ولا من حلفائهم ، كما لا يؤذي المسلمون أحداً من قريش ولا من حلفائهم ، واتفقوا أن تكون مدة الصلح عشر سنين وجرت من بعض رموز الصحابة مواقف غير مُرضّية بل مدخولة وَمَرضية (٢).
_______________________
(١) مكان على تسعة أميال من مكة ممّا يلي طرف الحرم.
(٢) قال عمر : مازلت أصوم وأتصدق وأصلي وأعتق من الّذي صنعت يومئذ ، مخافة كلامي الّذي تكلمت به ، حتى رجوت أن يكون خيراً (تاريخ الطبري ٢ / ٦٣٤ ط دار المعارف).