( الحلقة الرابعة ) : حبر الأمة في الميزان وتتضمن ما جاء فيه من الجرح والتعديل. وبها خاتمة الكتاب.
نسأله تعالى أن يمنّ عليّ بإخراج ذلك من ضم الشتات قبل الممات ، إنه مجيبُ الدعوات.
أوّلاً : إنّ كتابة التاريخ ـ كل التاريخ ـ إنّما هو محور تسجيله وهو رهن ذمة الرواة الذين يروون للناس ـ غالباً ـ ما يهواه الحاكمون ، فللسلطة والأموال بريق ـ مخادع ـ على حروف التدوين ، يراه الباحث بوضوح حين يجد في مدونات المؤرخين ما يكاد يخطف بالأبصار ، من أكداس التراث الحافل بالمناقبيات والمزايدات المحشورة للتفخيم والتعظيم ، وحتى الاستعانة بالغيبيات ، لإضفاء القداسة على الحاكمين وأتباعهم ، وتطويعاً للمحكومين بكّمّ أفواههم ، عن تهوين أقدار حكّامهم ، أو تهويل أخطائهم ، فإن ذلك من قدر الله فعليهم الرضا والتسليم ، والى جانب ذلك يجد الهمز واللمز للأخصام ، وهذا ما يجعل الباحث ـ وهو يدرك الدوافع وراء الرفع والوضع ـ في دوّامة من الشك والريبة في صحة جميع ما في المدونات سواءاً في تقييم الرجال أو عرض الأحداث ، وسواءاً كتب الأقدمين أو المحدثين.
لذلك كانت مهمة الباحث المحايد. ولنسميه
بالموضوعي النزيه. صعبة جداً ، حيث عليه أن يكون حذراً ويقظاً ، مستعملاً عقله وفطنته ليستشفّ ما وراء النص ، ويتبيّن وجه الحق فيأخذ به ، ويُصدر أحكامه على ضوئه ، ولا ينساق وراء