أقول : كلام ابن أبي الحديد في هذا المقام تعوزه الدقة. فإن هذه الصورة من الحديث سنداً ومتناً لم ترد في الصحيحين ، ولم يتفق المحدّثون كافةً على روايتها بألفاظها. نعم اتفق المحدثون كافة على رواية مضمونها بألفاظ متفاوتة وأسانيد مختلفة ، كما سنقرؤها في الصور الآتية.
ما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس فيما أخرجه أبو محمّد عبد السلام بن محمّد الخوارزمي في كتابه سير الصحابة والزهاد بسنده عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن عمرو بن ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير قال : « كان ابن عباس إذا ذكر ليلة الخميس بكى ، فقيل له : يابن عباس ما يبكيك ؟ قال : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : (يا بني عبد المطلب أجلسوني وسنّدوني أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعدي أبداً) ، فقال بعض أصحابه : أنّه يهجر ـ قال : وأبى أن يسمي الرجل ـ فجئنا بعد ذلك ، فأبى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكتبه لنا ، ثمّ سمعناه يقول : (عدى العدوي وسينكث البكري) » (١).
ما رواه أيضاً سعيد بن جبير عن ابن عباس فيما أخرجه عنه ابن سعد في الطبقات بسنده عن يحيى بن حماد عن أبي عوانة عن الأعمش عن عبيد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : « اشتكى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم الخميس فجعل ـ ابن عباس ـ يبكي ويقول : يوم الخميس وما يوم الخميس ؟ أشتدّ
_______________________
(١) أنظر غاية المرام / ٥٩٨ ط حجرية سنة ١٢٧٢.