ما يختاره لهم المعصوم ، والرسول عليهالسلام كثيراً ما ألقى على مسامع المسلمين أنّه تركهم على الحجة البيضاء ليلها كنهارها !
ومع ذلك يطلب منهم دواة وقرطاساً ليملي عليهم كتاباً لن يضلّوا بعده ، فكان المفروض أن يستنتجوا من ذكره هذا الكتاب أشياء غير الجوانب التشريعية والعقدية الّتي ما أنفكّ القرآن يتنزل بها حتى آخر لحظة من حياة النبيّ عليهالسلام ، وأن يرجحوا أنّ هذا الكتاب سيحتوي مسائل حساسة تتعلق بتصرّفهم الإجتماعي. لقد رأى الرسول عليهالسلام أنّ منيّته قد دنت ، فأراد ألّا يفسح أمام المسلمين مجالاً كي يتنازعوا بالقرآن على القرآن ، وبالسنّة على السنّة ، وبالتشريع على التشريع ، وبالقانون على القانون.
لذلك ودّ لو يضع لهم الخطّة الدائمة ليتمسكوا بأمر الله لأنّه أمر الله ! ولولا هذا لما قال رجل كابن عباس : « انّ هذه كانت أكبر رزية حاقت بالمسلمين » (١) !
إنّ استقصاء جميع ما ورد في كتب الحديث والسنّة ، والتاريخ والسيرة ، واللغة والأدب ، ممّا يتعلق بالحديث لأمرٌ شاق ، يصعب معه على الباحث المجدّ في تحقيقه ، والوقوف عليه باستقراء واستيعاب ، غير أنّ ما وقفت عليه ـ ولا شكّ قد فاتني الكثير الكثير ـ يكفي في التدليل على صحة الحديث وتواتره ، بالرغم من محاولات بائسة يائسة في التمويه عليه ، حرصاً على رموز المعارضة كما سيأتي في كلام أعلام المحدّثين في ذلك.
_______________________
(١) النظم الإسلامية نشأتها وتطورها / ٧٨ ـ ٧٩ تأليف الدكتور صبحي الصالح اُستاذ الإسلاميات وفقه اللغة في كلية الآداب بالجامعة اللبنانية ط دار العلم للملايين بيروت ، الطبعة الأولى سنة ١٣٨٥ ه سنة ١٩٦٥ م.