أقض حديث الرزية مضاجع العلماء بدءاً منذ عهد الرواة ، وانتهاءاً بأصحاب الصحاح والسنن وسائر المصنفات ، وإذا كان ابن عباس قال عنه الرزية كلّ الرزية ، فإنّ كلمته تركت العلماء يخوضون كلّ مخاضة في سبيل تبرير ما صدر من بعض الصحابة ، الّذين جعلوا لهم من الحصانة ما يرفعهم عن الإدانة ، فنسج كلٌ على نوله بقوله : وأتى بما عنده مكابرةً بحَوله وطَوله.
ولابدّ لنا من وقفة مع أولئك الّذين أشتدوا مكابرة ومصادرة ليعرف القارئ مبلغ جهاد ابن عباس ، وهو أشدّ الرواة أمراً ، وأكثرهم ذكراً لحديث الرزية ، نصرة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كما ينبغي به أن يعرف مَن هم أولئك النمط الّذين جاهدوه في الطريق المعاكس ، فناصروا من عارض النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولو على حسابه برد أمره في كتابه.
أنّهم كثيرون جداً ، ولا يسع المقام استيفاء جميع ما قالوه ، لكنا سنختار الواحد والاثنين نماذج من كلّ قرن ، بدءاً من القرن الرابع ثمّ القرون الّتي بعده حتى القرن العاشر. ونترك الباقين وتركاضهم فهم من عاقلتهم ، وعلى شاكلتهم ، وفي سابلتهم.
فمن القرن الرابع : أبو سليمان حمد بن
محمّد بن إبراهيم الخطابي البستي المتوفى سنة ٣٨٨ ه وهو من ذرية زيد بن الخطاب ـ فيما يزعمون ـ وزيد هذا أخ لعمر بن الخطاب رجل المعارضة ولا تخفى حمية النسب في أقواله ، له