على جسمه ، معصوم أن يكون منه من القول أثناء ذلك ما يطعن في معجزته ، ويؤدي إلى فساد في شريعته من هذيان واختلال كلام.
وعلى هذا لا يصح ظاهر رواية من روى في الحديث هَجَرَ إذ معناه هذي يقال هَجَرَ هجراً إذا هذى وأهجر هجراً إذا أفحش وأهجر تعدية هَجَرَ ، وانما الأصح والأولى أهَجَرَ على طريق الأنكار على من قال لا يكتب ، وهكذا روايتنا فيه في صحيح البخاري من رواية جميع الرّوات في حديث الزهري المتقدم ، وفي حديث محمّد بن سلام عن ابن عيينة ، وكذا ضبطه الأصيلي بخطه في كتابه وغيره من هذا الطريق ، وكذا روينا عن مسلم في حديث سفيان وعن غيره ، وقد تحمل عليه رواية من رواه هَجَرَ على حذف ألف الأستفهام ، والتقدير أهجر ، أو أن يحمل قول القائل هجراً أو أهَجَرَ دهشةً من قائل ذلك وحيرة لعظيم ما شاهدا من حال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وشدة وجعه وهو المقام الّذي أختلف فيه عليه ، والأمر الّذي همّ بالكتاب فيه حتى لم يضبط هذا القائل لفظه وأجرى الهُجر مجرى شدة الوجع ، لا أنّه أعتقد أنّه يجوز عليه الهجر ، كما حملهم الاشفاق على حراسته والله يقول : ( وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (١) ونحو هذا ، وأمّا على رواية أهجُراً وهي رواية أبي إسحاق المستملي في الصحيح في حديث ابن جبير عن ابن عباس من رواية قتيبة فقد يكون هذا راجعاً إلى المختلفين عنده صلّى الله عليه (وآله) وسلّم ومخاطبةً لهم من بعضهم أي جئتم باختلافكم على رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم وبين يديه هجراً ومنكراً من القول ، والهُجر بضم الهاء الفَحش في المنطق.
_______________________
(١) المائدة / ٦٧.