ألم وألم ؟ وكلّ ألمٍ فيها ألم !!
وأمّا الرأي الرابع ـ وهو كشف جديد كسابقه ـ ما أنزل الله به من سلطان ، إذ يقول صاحبه أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن مبتدءاً بأمره ، بل قال إئتوني أكتب لكم كتاباً لمن طلب منه ذلك ، وأستدل على ذلك بقول العباس لعليّ : أنطلق بنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإن كان الأمر فينا علمناه ، وكراهة عليّ هذا وقوله : لا أفعل ... الحديث.
وهذا من الغرابة بمكان فإن قول العباس لعليّ ـ لو صح ـ إنّما كان صبح يوم الوفاة كان بعد حديث الرزية يوم الخميس بأربعة أيام ، فكيف يكون هو السبب لتقديم الطلب ويكون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مجيباً لا مبتدءاً ، كما في تاريخ ابن الأثير وغيره فراجع.
قال في كتابه النهاية : (هجر) ومنه حديث مرض النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : قالوا ما شأنه أهجر ، أي أختلف كلامه بسبب المرض على سبيل الإستفهام ، أي هل تغيير كلامه واختلط لأجل ما به من المرض ، وهذا أحسن ما يقال فيه ، ولا يجعل اخباراً فيكون إمّا من الفحش أو الهذيان ، والقائل كان عمر ولا يظن به ذلك (١).
ليس من القسوة عليه ما وصفناه به ، فهو إذ لم يأتنا بجديد من عنده ، وكلّ ما بذله من جهده ، أنّه أجترّ أقوال السابقين من علماء التبرير ، واستحسن ذلك ،
_______________________
(١) النهاية في غريب الحديث والأثر ٤ / ٢٥٥ ط الاُولى مطبعة الخيرية بمصر سنة ١٣٢٢ ه (مادة هجر).