وحيث مرّت بنا نماذج من أقوالهم وردّها ، فلا نطيل الوقوف ثانياً عندها. إلّا أنّ من حقنا أن نسأله لما ذكر الحديث أوّلاً مبهِماً أسماء القائلين وهم جماعة. ثمّ صرّح أخيراً باسم عمر وهو مفرد ؟ فهل كان عمر هو الجماعة ؟ (كلّ عضوٍ في الروع منه جموع) ؟
ولماذا قال أخيراً ولا يظن به ذلك ؟ أليس ذلك من ابن الأثير هو التبرير الفطير ، فلماذا لا يظن بعمر ذلك وهو رأس الحربة الّتي طعنت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في فؤاده ، إذ عارضه فلم يمكّنه من بلوغ مراده.
فهل أنّ مقامه فوق مقام الرسول الكريم ، فيجب أن يحترم ولو على حساب كرامة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، اللّهم إن هذا الرد بهتان عظيم.
قال : في شرحه صحيح مسلم : بعد مقدمة في عصمة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ممّا يخل بالتبليغ : وليس معصوماً من الأمراض والأسقام العارضة للأجسام ونحوها ، ممّا لا نقص فيه لمنزلته ولا فساد لما تمهد من شريعته ، وقد سحر صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى صار يخيّل إليه أنّه فعل الشيء ولم يكن فعله ، ولم يصدر منه صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي هذا الحال كلام في الأحكام مخالف لما سبق من الأحكام الّتي قرّرها.
ثمّ قال : فإذا علمت ما ذكرناه فقد أختلف العلماء في الكتاب الّذي همّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم به.
فقيل : أراد أن ينص على الخلافة في انسان معين لئلا يقع نزاع وفتن.
وقيل : أراد كتاباً يبيّن فيه مهمات
الأحكام ملخصة ليرتفع النزاع فيها ، ويحصل الإتفاق على المنصوص عليه وكان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
همّ بالكتاب حين ظهر له