تعالى حيث أنكر على الكفّار الظالمين قولهم : ( وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا ) (١) والمسحور هو الّذي خبل عقله ، فأنكر الله تعالى ذلك. وذلك لا يمنع من جواز أن يكون بعض اليهود قد اجتهد في ذلك فلم يقدر عليه ، فأطلع الله نبيّه على ما فعله ، حتى استخرج ما فعلوه من التمويه ، فكان ذلك دلالة على صدقه ومعجزة له.
قال ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد وقد ذكر الحديث عن عائشة فقال : « وقد اعتاص على كثير من أهل الكلام وغيرهم وأنكروه أشد الأنكار ، وقابلوه بالتكذيب ، وصنف بعضهم فيه مصنفاً مفرداً حمل فيه على هشام وكان غاية ما أحسن القول فيه ان قال غلط وأشتبه عليه الأمر ولم يكن من هذا شيء ، قال : لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يجوز أن يسحر فإنّه يكون تصديقاً لقول الكفّار : ( إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا ) (٢) ، قالوا : وهذا كما قال فرعون لموسى : ( إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَىٰ مَسْحُورًا ) (٣) ، وقال قوم صالح له : ( إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ ) (٤) ، وقال قوم شعيب له : ( إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ ) ، قالوا : فالأنبياء لا يجوز عليهم أن يسحروا ، فإنّ ذلك ينافي حماية الله لهم وعصمتهم من الشياطين » (٥).
ثانياً : ما ذكره من اختلاف العلماء فذكر قولين :
أولهما : وهو الحقّ الّذي أباه عمر لأنّه أعترف بعد ذلك أمام ابن عباس بأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد عليّاً للأمر فمنعته من ذلك فتبيّن المراد عندما تبين العناد.
_______________________
(١) الإسراء / ٤٧.
(٢) الإسراء / ١٠١.
(٣) الشعراء / ١٥٣.
(٤) الشعراء / ١٨٥.
(٥) بدائع الفوائد ٢ / ٢٢٣.