لكان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يبيّنه ويكتبه ولا يلتفت إلى قول أحد فإنّه أطوع الخلق له ، فعلم أنّه لما ترك الكتاب لم يكن الكتاب واجباً ولا كان فيه من الدين ما تجب كتابته حينئذٍ ، إذ لو وجب لفعله.
ولو أنّ عمر اشتبه عليه أمر ثمّ تبين له أو شك في بعض الأمور فليس هو أعظم ممّن يفتي ويقضي بأمور ، ويكون النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قد حكم بخلافها مجتهداً في ذلك ، ولا يكون قد علم حكم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّ الشك في الحقّ أخف من الجزم بنقيضه ، وكلّ هذا باجتهاد سائغ كان غايته أن يكون من الخطأ الّذي رفع المؤاخذة به (١) ... إلى آخر ما ذكره من تهويش وتشويش لا يسمن ولا يغني.
وفي كلامه مواقع كثيرة للنظر نشير إلى بعضها :
أوّلاً : زعمه فضل عمر على الأمة بعد أبي بكر وانه كان محدّثاً ملهما ؟ وهذا منطق علماء التبرير في كلّ زمان ، ولكن لنا أن نسأل أين يغيب عنه ذلك الفضل والإلهام حين تعتاص عليه الأمور ، فلا يجد مخرجاً إلّا عند الآخرين ، فيلجأ إلى الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، وما أكثر المواطن الّتي قال فيها : « لولا عليّ لهلك عمر » ، و « لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن » ؟
وأين يكون ذلك الفضل المزعوم والإلهام الموهوم حين تطرأ عليه العضل وهو لا يعرف لها مخرجاً ، فيدعو ابن عباس فيقول له : « قد طرأت علينا عضل أقصية أنت لها ولأمثالها » ؟
_______________________
(١) منهاج السنّة ٣ / ١٣٤ ـ ١٣٥ ط أفست بولاق سنة ١٣٢٢ ه.