من الغريب أمر هذا الرجل فهو يختار مرجحاً انّ القائل لكلمة الهجر سواء كانت إخباراً أو إنشاءاً هو من بعض قرب دخوله في الإسلام ؟ مع أنّه سبق منه في تفسير معنى الهجر والهذيان فقال : « والمراد به ـ يعني الهجر ـ في الرواية ما يقع من كلام المريض الّذي لا ينتظم ولا يعتد به لعدم فائدته. ووقوع ذلك من النبيّ صلّى الله عليه (وآله) وسلّم مستحيل ، لأنّه معصوم في صحته ومرضه لقوله تعالى : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ) (١) ، ولقوله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم : (إنّي لا أقول في الغضب والرضا إلّا حقاً) ، وإذا عرف ذلك ، فإنّما قاله من قاله منكر على من توقف في أمتثال أمره باحضار الكتف والدواة.
فكأنّه قال كيف تتوقف ؟ أتظن أنّه كغيره يقول الهذيان في مرضه وأحضره ما طلب فإنّه لا يقول إلّا الحقّ ... ا ه ».
أقول : فأين صار ترجيحه بأنّ القائل هو من قرب دخوله في الإسلام وكان يعهد أنّ من اشتد عليه الوجع الخ ؟ ثمّ ما باله يشرّق تارة ويغرّب أخرى بين الرأيين ، بينما يعترف هو بنفسه تبعاً لما ورد في صحيح البخاري في الموارد الآتية بأنّ القائل هو عمر. فأي أقواله هو الصحيح ؟ ليس ذلك منه إلّا استماتة في الستر على مقولة عمر. وهل هذا منه إلّا كذباً من القول وتمويهاً على القارئ وتشويهاً للحقيقة.
وما أدري كيف استساغ أن يقول ذلك ، وفي صحيح البخاري الّذي هو يشرحه قد ورد التصريح بأنّ القائل هو عمر ، ورد ذلك في ثلاثة مواضع ، وهي كما يلي :
_______________________
(١) النجم / ٣.