الذي قرب دخوله في الإسلام ؟ وما اعتذاره إلّا استخفاف بعقول الناس واستجهال لهم على غير أستحياء ، فهو إذ لم يصب الهدف المنشود يكشف عن بلادته أيضاً حين جانب الدقة في كلامه ، فتخيل بهذه الفهفهة الفجّة يغطي ما لا يضمّه ستر ، وأنى له ذلك ، فهو مهما أوتي من براعة التزييف وامعان في المغالاة لا يستطيع التستر على اسم القائل ، ولا الإعتذار عنه ، ولكن ما الحيلة معه ومع أمثاله ، وهذا شأن من يقول ما يشاء من دون تورّع ، ولا يبالي بما يقال فيه ، وهذه سجية علماء التبرير إذ يسوقهم خطأ التقدير ، إلى مهاوي التحوير والتزوير.
وهذا الرجل لدة قومه يدلي بدلوهم ويمتح من غربهم ، ولا يجاوز طريقتهم في تضارب الأقوال ، فهو وبعبارة أوضح يجترّ أقوال السابقين ، من دون التفات لما فيها من هنات وهنات. لذلك كثر عنده التناقض ، وأظن أنّ القارئ يكتفي ببعض الشواهد على ذلك :
١ ـ فمثلاً قال في كتابه إرشاد الساري في شرح (أكتب لكم كتاباً) : « فيه النص على الأئمّة بعدي أو أبين فيه مهمات الأحكام » (١).
ولكنه جاء بجديده فيما يحسب في شرح (ولا ينبغي عند نبيّ تنازع) فقال : « والظاهر إنّ هذا الكتاب الّذي أراده إنّما هو في النص على خلافة أبي بكر ... » (٢) ، وأبطل قول من قال أنّه بزيادة أحكام ... ، لكنه عاد في شرح (لكم كتاباً) فقال : « فيه استخلاف أبي بكر بعدي أو فيه مهمات الأحكام » (٣).
_______________________
(١) إرشاد الساري ١ / ٢٠٧.
(٢) نفس المصدر ٥ / ١٦٩.
(٣) نفس المصدر ٨ / ٣٥٥.