وبعد أن شرق وغرب ، وفي جميع ذلك أغرب ، ختم كلامه ببيان استنباط الأحكام ، ومنه يعرف القاري مدى تضلّعه والأصح ضلوعه مع فقهاء الحكم ، فقال : الأوّل : فيه بطلان ما يدعيه الشيعة من وصاية رسول الله عليه الصلاة والسلام بالإمامة ، لأنّه لو كان عند عليّ رضياللهعنه عهد من رسول الله عليه الصلاة والسلام لأحال عليها (كذا).
ولا نرد عليه إلّا بما قاله عمر ولا نزيد عليه وحسبنا به شاهداً عليه وحاكماً : قال : « ولقد أراد رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم في أن يصرح باسمه ـ يعني عليّاً ـ فمنعت من ذلك اشفاقاً وحيطة على الإسلام » (١).
وستأتي أقوال لعمر في هذا الشأن نذكرها إن شاء الله فيما يأتي.
وهو الشاه ولي الله الدهلوي من علماء المسلمين في الهند في القرن الثاني عشر الهجري وله مؤلفات عديدة أشهرها كتابه حجة الله البالغة ومن مؤلفاته شرح تراجم أبواب صحيح البخاري وهو مطبوع مكرراً ، وما ننقله عنه هنا فمن طبعة حيدر آباد الدكن الطبعة الثانية.
قال : « إعلم إنّ هذا المقام ، من مزالق الأقدام ، كم زلّت فيه الأعلام ، وصغت فيه الأفهام ، وإنّي قد تحققت بعد تتبع طُرُق هذا الحديث ـ يعني أمره صلّى الله عليه (وآله) وسلّم بالكتاب أنّ قول ابن عباس : الرزية كلّ الرزية ، إنّما كان بطريق الشبهة مثل سائر شبهاته ، لأنّه ثبت في الروايات الصحيحة أنّ كبار الصحابة مثل أبي بكر وعليّ وغيرهما كانوا حاضرين ، ففهموا من أمره صلّى الله عليه (وآله) وسلّم أنّ مقصوده بالكتابة ليس إلّا ما جاء في القرآن والتوثيق به ،
_______________________
(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٢ / ٩٧ ط الاُولى بمصر.