إذن فاحتمال كتابة حكم أو مهمات الأحكام مستبعد من ساحة الجدل.
ويبقى السؤال الّذي فرض نفسه ، ماذا أراد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكتب في ذلك الكتاب ؟
ولابدّ في الجواب الصحيح هو الاحتمال الآخر وقد طرحه علماء التبرير ، وقال غيرهم بتعيّنه وهو كتابته بتعيين ولي الأمر من بعده. ليتولى تسيير الأمة وفق مصالحها المشروعة ، وإذا تعيّن ذلك لهم فهو الّذي يحل مشاكلها من بعده ، وبالتالي هو الّذي يعصمها من الوقوع في هوة الضلالة.
إذن مراده صلىاللهعليهوآلهوسلم كان كتابة اسم من يخلفه في قيادة الأمة ويكون على رأس النظام الحاكم ، فيتولى قيادة الأمة إلى شاطيء النجاة بما يصلح أمورها في الدين والدنيا.
قال الشيخ محمّد الغزالي في كتابه فقه السيرة : « وكان النبيّ نفسه قد همّ بكتابة عهد يمنع شغب الطامعين في الحكم ، ثمّ بدا له فاختار أن يدع المسلمين وشأنهم ينتخبون لقيادتهم من يحبون ... ا ه » (١).
ولقد كان في أوّل كلامه مصيباً ولكنه أخطأ في آخره ويعرف جوابه ممّا سأتي.
والجواب على هذا يختلف عليه المسلمون. ومن الطبيعي أن يكون كذلك ، تبعاً لأختلاف الواقع عن الشرعية ، فأهل السنّة لهم جواب لتبرير الواقع ، والشيعة لهم جواب آخر بحسب الشرعية وإرادة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم :
_______________________
(١) فقه السيرة / ٣٥٣.