استحق بكفاءته موقعاً في القيادة قدّمه ، وإن كان صغيراً في سنّه ، لأن كبر السن لا يهب الأغبياء عقلاً ، ولا صغر السن ينقص الأكفاء فضلاً.
فما الحداثة عن فضلٍ بمانعة |
|
ولا الكفاءة في سنّ وإن هرموا |
قد أرسل الله عيسى وهو ابن ساعته |
|
فلم يحابي شيوخاً ما الّذي نقموا |
وكأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم هيأ المسلمين لقبول (قاعدة الكفاءة) في ولاية أمورهم ، ونبّههم عملياً على أن ليست الشهرة أو السن أو غيرها من مقوّمات الشخصية ، كفيلة باستحقاق الإمارة والولاية ، فلذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم رداً على من نقم تأمير أسامة عليهم : (وأيم الله إن كان ـ زيد ـ لخليقاً للإمارة ، وانّ ابنه لخليق للإمارة) ، كما سيأتي ذلك عن صحيح البخاري وغيره.
وبهذا التدبير الحازم قطع حجة الزاعمين انّ الأمارة والولاية لمن كان في السنّ متقدماً.
قال الرواة : لقد عقد اللواء لأسامة بيده ، وأمّره على جيش عدته ثلاثة آلاف فيهم من قريش سبعمائة إنسان. وقد روى الرواة أسماء بعض الشيوخ الّذين كانوا في ذلك الجيش فكان منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة والزبير وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم وأسيد بن حضير وبشير بن سعد ، وهناك آخرون » (١) ولكن كلّ من سمّينا منهم ومن لم نسمّ لم يمتثلوا أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل تخلّفوا وطعنوا في تأمير أسامة عليهم.
_______________________
(١) طبقات ابن سعد ٤
/ ٤٦ و ١٣٦ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٩٣ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد ١ / ١٥٩ ط محققة ، وفتح الباري لابن حجر ٩ / ٢١٨ ـ ٢١٩ ، وكنز العمال ٥ / ٣١٢ ط
الأولى ،