قال : والّذي بخيبر ، قلت : والّذي بفدك ؟ قال : والّذي بفدك. فقلت أما والله حتى تحزّوا رقابنا بالمناشير فلا » (١).
قال : إنّ الأمر الصادر يفيد أنّه أمن من الضلال ، فالكتاب الّذي يريد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكتبه سبب للأمن من الضلال ودوام الهداية. فكيف يخطر على بال إنسان أنّه سيترتب عليه عقوبة أو فتنة أو عجز.
أمّا قوله : « حسبنا كتاب الله » لأنّه تعالى قال : ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ) (٢) ، ويقول : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (٣) ، فكلّ من الآيتين لا يفيد الأمن من الضلال ودوام الهداية للناس ، ولو كان كذلك لما وقع الضلال ، ولكن الضلال والتفريق في الأمة قد وقع بحيث لا يرجى رفعه ، كما أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقل لهم أنّ مراده أن يكتب لهم الأحكام حتى يقال على ذلك : إنّه يكفي فهمها من كتاب الله ، ولو فرض أنّ مراد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان كتابة بعض الأحكام ، فلعل النص على تلك الأحكام منه صلىاللهعليهوآلهوسلم سبب للأمن من الضلالة. وعلى هذا لا وجه لقولهم : « حسبنا كتاب الله » ، بل لو لم يكن فائدة النص إلّا الأمن من الضلالة لكان مطلوباً جداً ، ولا يصح تركه للإعتماد على أنّ الكتاب جامع لكلّ شي ، كيف والناس محتاجون إلى السنّة أشد احتياج مع كون الكتاب جامعاً ، وذلك لأنّ الكتاب وإن كان جامعاً إلّا أنّه لا يقدر كلّ أحد على الإستخراج منه. وما يمكن لهم استخراجه منه لا يقدر كلّ أحد استخراجه منه على وجه الصواب.
_______________________
(١) مجمع الزوائد ٩ / ٣٩.
(٢) الأنعام / ٣٨.
(٣) المائدة / ٣.