ولهذا فوّض الله لرسوله البيان مع كون الكتاب جامعاً فقال تعالى لنبيّه : ( لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) (١) ، ولاشك أنّ إستخراجه صلىاللهعليهوآلهوسلم من الكتاب على وجه الصواب يكفي ويغني في كونه نصاً مطلوباً لنا ، لاسيما إذا أمرنا به ، ولاسيما إذا وعد على ذلك الأمن من الضلال ، فما معنى قول « حسبنا كتاب الله » بعد ذلك (٢) ؟
ليس من جديد عند ابن خلدون سوى التفافه على حديث الدواة والكتف ، بقفزة غير بارعة فطواه وطمس معالم الإدانة فيه في موضع مقدمته فقال : ـ وهو يذكر أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم باحضار الدواة والقرطاس ليكتب صلّى الله عليه (وآله) الوصية ـ : « وان عمر منع من ذلك » (!). ثمّ قال : « وما تدعيه الشيعة من وصيته لعليّ رضياللهعنه وهو أمر لم يصح ولا نقله أحد من أئمة النقل.
والّذي وقع في الصحيح من طلب الدواة والقرطاس ليكتب الوصية وان عمر منع من ذلك ، فدليل واضح على أنّه لم يقع » (٤).
ثمّ عاد في تاريخه فقال : « في مرضه صلىاللهعليهوآلهوسلم : ثمّ جمع أصحابه فرحّب بهم وعيناه تدمعان ودعا لهم كثيرأ وقال : (أوصيكم بتقوى الله وأوصي الله بكم واستخلفه
_______________________
(١) النحل / ٤٤.
(٢) حاشية السندي على صحيح البخاري ١ / ٣٣ ، نقلاً عن معالم الفتن لسعيد أيوب / ٢٦٠.
(٣) القراءة الخلدونية اسم لكتاب كان يدرس في الصف الأوّل من المدارس الإبتدائية في العهد الملكي في العراق نسبة لمؤلفها أبن خلدون. وهزءاً بعقلية ابن خلدون في رأيه في المقام شبّهنا ما لديه بما في القراءة الخلدونية.
(٤) مقدّمة ابن خلدون / ٣٨٠ ط دار الكتاب اللبناني.