لأمته : (ائتوني بدواة وكتف لأكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً) ليس شفيقاً على أمته !؟ وعمر بمنعه يكون منه اشفاقاً وحيطة على الإسلام ؟! ولامجال لأن يكونا معاً شفيقين لتعارضهما في مورد الشفقة ، وهكذا تضيع المقاييس عند ضياع العقول في متاهات الهوى ، فما ذكر من تعليل زعم الشفقة من عمر تعليل عليل ، وليس هو بمقبول ، حتى لدى السذج وبسطاء العقول ، فضلاً عن النابهين والباحثين من العلماء الواعين.
لمّا كان حديث الكتف والدواة واضح الدلالة على أنّ المراد منه كان هو تأكيد النص على ولاية عليّ عليهالسلام ولذلك منع منه عمر كما أعترف هو بذلك ، وقد مرّ ذكره والإشارة إليه مراراً. وكذلك فهمه من تابعه على منعه. ولكن تعرض للمسخ والتشويه والتشكيك ولم يسلم من زبانية الوضاعين ، ويزيد القارئ إيماناً بأنّهم فهموا ذلك منه ، ما تشبث به رواة السوء وسجلته الأقلام المشبوهة تشويهاً للحقيقة ، وإمعاناً في غثيثة التزوير حيث انبرى فريق منهم إلى مسخ أصل الحديث وتحوير نصه ، بعد ان عجزوا في تبرير ما قاله عمر وما ساقوه من أعذار تافهة. فذكروا انّ الحديث كان لصالح أبي بكر ، فرووا في ذلك عن عائشة وعن أخيها عبد الرحمن. فقد أخرج مسلم وأحمد والبغوي وغيرهم عن عائشة قالت : « قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مرضه الذي مات فيه : (ادعي لي عبد الرحمن بن أبي بكر أكتب لأبي بكر كتاباً لايختلف عليه أحد). ثمّ قال : (معاذ الله أن يختلف المؤمنون في أبي بكر) » (١).
_______________________
(١) وروى نحو هذا
الحديث كثير من المؤلفين في الحديث والتاريخ. فراجع مصابيح السنّة للبغوي ٢ / ١٩٤ ، وصواعق ابن حجر / ١٣ ، ومشكاة المصابيح ٣ / ٢٢٠ ، وشرح مشارق
الأنوار